وإذا شئت ان ترفض ما يقال على سبيل المجاز وتذكر الامر الحقيقي فان الجواب الحقيقي ان يذكر جميع العلل التي لم يتضمنها المسألة فإذا ذكرت وحتمت بالغاية الحقيقة وقف السؤال والله ولى التوفيق.
ولنختم هذا الفن بذكر المزاج وتحقيق القول فيه لكونه مناسبا لما مر من اثبات التركيب الاتحادي بين المادة والصورة لتوقف بيان ذلك عليه كما علمت و قد وعدناك تحقيقه.
فصل (14) في تحقيق مهية المزاج وآنيته العادة جرت بذكر هذه المسألة في فن الطبيعيات لكنا أوردناها ههنا للعلة المذكورة ولعله أخرى وهي ان البحث عن مهية شئ ونحو وجوده مناسب لان يذكر في العلوم الإلهية.
فنقول ان المزاج كيفية ملموسة من جنس أوائل الملموسات متوسطة الأربع الأول توسطا ما متشابهه الاجزاء حتى أنها تكون بالقياس إلى الحرارة الشديدة برودة وبالقياس إلى البرودة الشديدة حراره وبالقياس إلى اليبوسة رطوبة وبالقياس إلى الرطوبة يبوسه وانها في الجسم ذي المزاج بحيث يكون ما وجد منها في كل جزء من اجزائه مثل ما وجد منها في جزئه الاخر لا تفاوت بينها الا في الموضوع ذاتا وصفا كما هو عند الجمهور أو وصفا فقط كما هو عندنا.
واما سبب آنيتها فاعلا وقابلا فالمشهور ان العناصر إذا تصغرت وامتزجت و تماست وفعل كل منهما في الاخر انكسرت سوره كيفياتها فحصلت للجميع كيفية متوسطة متشابهة هي المزاج مع انحفاظ صور العناصر المتخالفة بحالها قالوا هذا التفاعل لا يحصل الا عند مماسة بعضها لبعض والا فاما ان لا يعتبر بينها حصول نسبه وضعية أصلا سواء كانت مماسا أو غيره أو يعتبر نسبه أخرى كالمحاذاة وضرب من القرب