فصل (2) في ذكر احكام كليه متعلقه بهذا المقام منها انه قد ظهر مما ذكر ان مادة الشئ ليست داخله في قوام مهية ذلك الشئ والا لكانت بينه الثبوت ولم يفتقر في اثباتها إلى برهان لكن الجسم بما هو جسم قد حصل لنا معناه وهو الجوهر الذي يمكن ان يفرض فيه ابعاد ثلثه على الوجه المذكور وشككنا في أنه هل له مادة تحمل معناه أم لا إلى أن جاء البرهان الحاكم بوجود جوهر آخر مادي.
فظهر لنا ان الجسم المحسوس مركب من جوهرين حال ومحل فيتبين من هذا ان المادة غير داخله في قوام مهية الجسم ثم انا بعد ما أثبتنا المادة لبعض الأجسام توقفنا في بعض آخر مع علمنا باشتراك معنى الجسم النوعي بين الذي انكشف لنا مقارنته لها وبين ما يتوقف في الحكم بوجودها له.
فبهذا أيضا يتأكد ما قلنا من عدم حاجه الشئ إلى المادة في حقيقة ذاته و ان احتاج إليها في قوام وجوده وكما علمت هذا في الجسمية بالقياس إلى ما قامت بها أي المادة فاعلم أيضا بالقياس إلى ما يقوم بها كالطبائع النوعية كما مر.
وقد تأكد الشيخ في إلهيات الشفا هذا الحكم بقوله واما الجسمية التي نتكلم فيها فهي في نفسها طبيعة محصله ليس تحصل نوعيتها بشئ ينضم إليها حتى لو توهمنا انه لم ينضم إلى الجسمية معنى بل كانت جسمية لم يمكن ان يكون متحصلا في أنفسنا الا مادة واتصال فقط.
ولذلك إذا أثبتنا مع الاتصال شيئا آخر فليس لان الاتصال نفسه لا يتحصل الا بالإضافة إليه وقرنه به بل بحجج أخرى تبين ان الاتصال لا يوجد بالفعل وحده فليس ان لا يوجد الشئ بالفعل موجودا هو ان لا يتحصل طبيعته فان البياض والسواد كل شئ منهما متحصل الطبيعة معنى مخصصا أتم تخصيصه الذي في ذاته ثم لا يجوز ان يوجد بالفعل الا في مادة واما المقدار مطلقا فيستحيل ان يحصل له طبيعة مشار إليها