والتعريف للشئ بنحو من الكون والوجود ليس تعريفا بأمر اعتباري لا تحقق له كيف ووجود كل شئ هو المتحقق بالذات لا مهيته الكلية وكذلك الحال في أكثر التعريفات الحقيقية للأشياء كتعريف الحيوان بأنه الجسم الذي من شانه ان يحس ويتحرك وتعريف الانسان بأنه الحيوان الذي من شانه ان يدرك الكليات أي يتعقل المعاني الكلية ويتصورها.
ثم لا فرق في البسائط والمركبات فيما ذكره فان تعريف الحقائق الموجودة بنفس السلوب والاعدام غير جائز سواء كانت بسيطه أو مركبه لان الغرض من التعريف تحصيل امر في الذهن والعدم والعدمي مفهومهما زوال شئ لا تحصيله فصل (1) في ذكر اختلاف الناس في تحقق الجوهر الجسماني ونحو وجوده الذي يخصه اما الاعتقاد بوجوده على الوجه الذي يستلزم الجوهرية مع ما يصحح الطول والعرض والعمق مطلقا فهذا امر ضروري لا نزاع فيه لاحد من العقلاء واما انه متصل بنفسه أم لا أو انه بسيط أو مركب من جوهرين أو من جوهر وعرض فليس بضروري ولهذا وقع الاختلاف بين الناس في نحو وجوده.
فمن قائل من زعم أنه مركب من ذوات أوضاع جوهرية غير منقسمة أصلا لا وهما ولا فرضا ولا قطعا ولا كسرا وهؤلاء أيضا تشعبوا إلى قائل بعدم تناهى الجواهر الفردة في كل جسم حتى الخردلة وهو النظام من المعتزلة وأصحابه.
وقائل إلى تناهيها وهم جمهور المتكلمين.
ومن قائل انه متصل في نفسه.
فمن هؤلاء من ذهب إلى أنه يقبل الانقسام باقسامه لا إلى نهاية وهم جمهور الحكماء.