من الانسان غير الانسان ومن الفرس المحض الغير الفرس ومن الحمار غير الحمار ومن المزدوج من القسمين غير المزدوج من صفات كل منهما.
ثم إن جحد جاحد وعاند معاند لا يلتفت إليه العاقل الفطن بل يكذبه مجرد الحدس الانساني ومثل هذا الانسان يكذب نفسه في احكام كثيره الا انه لا يستحيى عن نفسه ومن لا يستحيى عن نفسه لا يستحيى عن الله لأنه أقرب إليه من نفسه.
فظهر ان الهيولى من حيث المفهوم لا خلاف فيها لاحد بل وقع الاتفاق من العقلاء مع افتراقهم في الآراء على ثبوت مادة يتوارد عليها الصور والهيئات الا انها عند الاشراقيين ومن تبعهم نفس الجسم الذي هو امر واحد لا تركيب فيه عندهم بوجه من الوجوه فمن حيث جوهريته يسمى جسما ومن حيث اضافته وقبوله للصور والمقادير يسمى مادة.
وعند المشائين ومن يحذو حذوهم جوهر أبسط يتقوم بجوهر آخر يحل فيه يسمى صوره يتحصل من تركيبهما جوهر وحداني الحد قابل للمقادير والاعراض والصور اللاحقة وهو الجسم فالجسم عندهم مركب في حقيقته من الهيولى ومن الاتصال القابل للابعاد الثلاثة وعند أصحاب ذيمقراطيس أجسام متعددة بسائط غير قابله للفصل.
وعند قوم آخر هم المتكلمون على تشعبهم وتكثرهم هو الجواهر الفردة التي يتقوم بها التأليف فيحصل الجسم فالتأليف عندهم بمنزله الصورة عند المشائين الا انه عرض لا يقوم بذاته بل بمحله والصورة جوهر يقوم بذاته ويتقوم به محله الذي هو الهيولى.
نعم من زعم أن الامتداد الجسماني عرض في المادة والجسم مركب من الهيولى والاتصال العرضي يكون مذهبهم أشبه بمذهبه من مذهب المشائين وبقى الفرق بينهما بان تقوم جوهرية المحل في الوجود يكون عنده بما سماه صوره وعند هؤلاء بذاته مع اتفاقهم على تقوم الجوهر المركب بالعرض القائم بالجزء الاخر منه بحسب المهية ويكون المحل شخصا واحدا عنده وأشخاصا متعددة عندهم.
ونسبه مذهب المتكلمين إلى هذا المذهب كنسبة مذهب ذيمقراطيس إلى