الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٦ - الصفحة ٦٣
الطبيعة الواحدة في جميع الجزئيات هو جواز (1) الاتصال والوحدة في كل من تلك الأجسام بحسب أول فطرتها والانفصال والتعدد في اجزائها كذلك.
ولا يكفي ثبوت هذا المعنى في تمهيد اثبات الهيولى بل لا بد من التوسل فيه إلى امكان طرء الوصل بعد الفصل أو الفصل بعد الوصل فان المحوج إلى الهيولى في كل موضع الامكان الاستعدادي المغاير للفعلية في الوجود دون الامكان الذاتي المجامع لها فيه الا في ضرب من ملاحظة العقل واعتباره كما ستعلم إن شاء الله.
وقد أجاب شيخنا وأستاذنا سيد أعاظم الاعلام وسند أكابر الكرام ضاعف الله قدره بان قبول القسمة الوهمية مساوق لامكان القسمة الانفكاكية بالنظر إلى نفس طبيعة الامتداد وان منع عنها مانع لازم أو زائل إذ لو امتنع الانفكاك عليه لذاته لكان فرض الانقسام فيه من الأوهام الاختراعية ولم يكن حينئذ فرق بين فرض الانقسام فيه وبين فرضه في المفارقات الذوات ولا شك ان فرض الانقسام الوهمي من

(1) أقول إذا جاز ذلك بالنظر إلى طبيعة الأجسام واجزائها بحسب أول الفطرة فلا بد من مخصص للانفعال والتعدد للأجسام والاتصال والوحدة لأجزائها فان نسبه الفاعل إليهما واحده والتخصيص بلا مخصص محال والمخصص ليس الا استعداد المادة والهيولي فيجب ان يكون كل من الأجسام المذكورة مركبا من الهيولى والصورة فليست هي المادة الأولى كما زعمه ذيمقراطيس فظهر مما ذكرناه ان ثبوت هذا المعنى يكفي في اثبات تمهيد الهيولى ثم لا يخفى ان ما ذكرناه مأخوذ مما ذكروه وقام عليه البرهان أيضا من أن تعدد افراد النوع الواحد انما يكون بالعوارض المادية وان ما لا مادة له يكون نوعه منحصرا في شخصه وأيضا بديهة العقل لا تفرق بين الفطرة الأولى والثانية في جواز هذا المعنى بالنظر إلى نفس الطبيعة فان الطبيعة إذا لم تكن آبية عن الانفكاك والانفعال بالنظر إلى ذاتها في أول الفطرة لم يكن آبية عنهما بعد الفطرة بالنظر إلى ذاتها أيضا فان الذات واحده في أول الفطرة وثانيها وان عرض للذات بعد الفطرة ما تأبى به عن الانفكاك كان الامتناع لعارض وهو لا يقتضي الامتناع الذاتي فافهم إسماعيل ره
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست