فصل (10) في تتمه القول في الاتحاد بين المادة والصورة جرحا وتعديلا قال العلامة الدواني وأنت تعلم أن البرهان قد دل على أن مدرك الكليات لا يكون الا مجردا فإذا كانت النفس متحدة مع البدن في الوجود وانما تصير مجردا بالموت كما تخيله لم ينطبع فيه الصورة الكلية فيلزم ان لا يكون مدرك الكليات الا بعد الموت.
وأيضا كيف يتصور استحالة المادي إلى المجرد فإذا كانت النفس من مراتب استحالات البدن لا يكون الآثار المترتبة على التجرد حاصلا بالفعل ما لم يتحقق الاستحالة كما أن آثار النطفة لا توجد في الغذاء وآثار العلقة لا توجد في النطفة و آثار البدن لا توجد في العقلة انتهى.
أقول ما دل برهان على أن افراد البشر في آن تكونهم مدركين للكليات بما هي كليات بحسب وجودها العقلي المشترك بين الكثرة من غير شائبة مقدار و وضع وتحيز بل كما أن المهية الموجودة في الخارج كليه بالقوة جزئيه بالفعل من شانها ان تجرد عن المواد وتنتزع عنها الغواشي بتعمل وتجريد ونزع كذلك القوة الانسانية المدركة لها عاقلة بالقوة إذ من شانها ان تنتزع عن نفسها المادة وغواشيها فتصير عند ذلك عاقلة أي مدركه للكليات بالفعل كيف وقد أقمنا البرهان على أن العاقل متحد بالمعقول فالمدرك ما لم يصر وجودها وجود الكلى بالفعل يمتنع ان يدرك كليا بالفعل.
وبالجملة مرتبه المدرك والمدرك في كل ادراك مرتبه واحده فما أسخف قول من زعم أن الهوية الجسمانية القريبة النشأة من نشأة الجماد والنبات كالجنين تكون صورته التي بها هو ما هو عاقلة لذاته ولذات الكليات المجردة بالفعل وقوله فيلزم ان لا تكون مدركه للكليات الا بعد الموت