لم يتصور جسما لا جسما بل تصور جسما وشيئا آخر وهو كونه غير منته إلى سطح فمن تصور في خياله جسما منبسطا في الجهات الثلث من غير أن يتصور أو يعتبر معه تناهيه فقد أدرك وتصور جسما ولم يعوزه شئ من تصور حقيقة الجسم وان لم يدرك تناهيه.
ومن تصور جسما غير متناه لم يخطأ في التصور بل انما أخطأ في التصديق كمن قال إن الجسم عرض فقد تصور الطرفين البسيطين من غير خطا فيهما لكنه أخطأ في التركيب الايجابي فلو كان التناهي مقوما لحقيقة الجسم لم يكن الانسان عند الفرض المذكور متصورا لحقيقة الجسم مع أنه قد تصورها هذا خلف.
واما مغايرة الجسم بهذا المعنى للجسم التعليمي الذي هو من باب الكم فلما سيأتي من الدليل إذ لا انفكاك بينهما في شئ من الوجودين حتى يثبت عرضيتهما بالانفكاك فقد ثبت انه لا يجوز تحديد الجسم بهذا الابعاد ولا بقبوله إياها بالفعل بحث وتحقيق وربما احتج القائل بصحة تعريف الجسم بهذه الابعاد بان الجسم لا يخلو عن صحه فرض الابعاد والخطوط وهذه الخطوط المفروضة اما أن تكون مفروضه في اتصال الجسم فيكون الاتصال حاصلا بالفعل في الجسم والا لم تكن مفروضه فيه بل في معنى آخر غير الاتصال والمتصل بنفسه هيولي كان أو غيرها فلا بد ان يكون ذلك متصفا بالاتصال حتى يمكن فرض الابعاد فيه والا لما كان الفرض صحيحا ضرورة ان ما لا اتصال له ولا بعد فيه لا يمكن فرض الابعاد فيه.
فإذا كانت صحه هذا الفرض موقوفة على وجود الاتصال فوجب كونه موجودا قبل الفرض والا كان الفرض مستحيلا فيه والمقدر خلافه وإذا كانت صحه الفرض موقوفة على وجود الاتصال فاستحال ان يكون وجود الاتصال موقوفا