وقد مر في مباحث المهية بيان الفرق بين الجسم بالمعنى الذي هو مادة الأنواع وبين الجسم بالمعنى الذي هو جنس فالفصول عوارض خارجية منضمة بالقياس إلى المعنى الأول ومتممات داخلية مضمونة منضمة بالقياس إلى المعنى الثاني فجسمية إذا خالفت جسمية أخرى كانت بأمور خارجية سواء كانت جواهر صورية أو اعراضا واما جسم إذا خالف جسما آخر مباينا له في النوع كانت بأمور داخلية وعدم الفرق بين هذين المعنيين مما يغلط كثيرا.
وبالجملة لا شبهه في أن الصور الامتدادية وهي تمام حقيقة الجسم بما هو جسم في جميع الأجسام امر واحد نوعي محصل ومقتضاها فيها واحد وما يجوز ويمتنع لها في بعض الافراد يجوز ويمتنع في الكل فحينئذ لو كان الالتحام بين الجزئين المتصلين مقتضى ذات الطبيعة الامتدادية يلزم ان يكون الأجسام والامتدادات كلها متصلا واحدا ولو كان الانفكاك بين الجسمين المنفصلين ذاتيا لها لم يوجد شئ من تلك الطبيعة متصلا واحدا بل لم يتحقق لا في العين ولا في الوهم وذلك ضروري البطلان والجواهر الفردة مع استحالة وجودها ليست من افراد تلك الطبيعة بحسب مفهوم الاسم وشرحه.
فهذا تقرير البرهان على أن القسمة الانفكاكية لا يقف عند حد في شئ من الأجسام من حيث الجسمية ولا حاجه إلى دعوى التشابه في الأجسام سواء كانت الدعوى مقدمه برهانية أو مسلمة عند الخصم كما في الأقيسة الجدلية.
ولذلك اكتفى الشيخ ببيان واحد في اثبات القسمة في الأجسام الذيمقراطيسية والفلكية وجعل المانع عن الانقسام في الفلك لازما وفيها زائلا وجعل المانع في القبيلتين خارجا عن الطباع المشترك وإن كان المانع في الفلك داخلا في جوهره بما هو نوع خاص من الجسم لا بما هو جسم فقط وكلما لزم المانع أو دخل فيه فمن حق نوعه ان لا يكون الا شخصا واحدا لم ينقسم