تتمه استبصارية قد علمت أن معنى كون الجسم طويلا عريضا عميقا عندما ذكرت عنوانا له وتعريفا بها إياه هو كونه بالصفة المذكورة ولما لم يفهم هذا المعنى من ظاهر اللفظ ترى المتأخرين عدلوا عنه وذكروا في تعريف الجسم انه هو الذي يمكن ان يفرض فيه ابعاد ثلثه متقاطعة على الزوايا القوائم فزادوا قيودا ثلثه هي الامكان والفرض و كون الابعاد على وجه القيام العمودي.
اما قيد الامكان فلما عرفت ان وجود الابعاد ليس واجبا في الجسم لأنها ليست مقومه لمهيته ولا لازمه لوجوده فلو لم يقيد بالامكان فهم منه الفعلية المطلقة التي هي أدنى مراتب ما يغاير الامكان فلم يصدق التعريف على الجسم الذي لم يوجد فيه الابعاد ولو في وقت من الأوقات فإذا قيد به دخل فيه ذلك الجسم فكل جسم وان خلا عن وجود هذه الابعاد لكن لم يخلو عن امكانها.
ونقل صاحب المباحث المشرقية عن الشيخ الرئيس قدس سره ان هذا الامكان هو الامكان العام ليتناول ما يكون ابعاده حاصله على طريق الوجوب كما في الأفلاك وما تكون حاصله لا على طريق الوجوب مثل ابعاد الأجرام العنصرية وما لا يكون شئ منها حاصلا بالفعل لكنه يكون ممكن الحصول كالكرة المصمتة فانا لو حملنا هذا الامكان على الامكان المقارن للعدم لكان الطعن متوجها بان يقال انك لما جعلت هذا الامكان جزء حد الجسم أو جزء رسمه فالجسم الذي قد فرض فيه بعض هذه الابعاد أو ثلثها بالفعل فقد بطل جزء حده أو رسمه لان القوة لا تبقى مع الفعل فقد بطل ان يكون جسما انتهى وفيه بحث اما أولا فلان فرض الابعاد المذكورة الموصوفة بصفة التقاطع القائمي يمكن على أنحاء شتى ووجوه غير متناهية كلما خرج منها إلى الفعل بقي بعد في القوة وجوه غير متناهية منها حسب قبول الجسم انقسامات غير متناهية فكل نقطه من