ومنها قوله ان الشمس والقمر والكواكب يستمد القوة من جوهر السماء فإذا تغيرت السماء تغيرت النجوم أيضا ثم هذه الصور كلها بقاؤها ودثورها في علم الباري سبحانه والعلم يقتضي بقائها دائما وكذلك الحكمة والباري قادر على أن يفنى العالم يوما ان أراد.
أقول مراده من جوهر السماء هو جوهرها العقلي وهو صوره ذاتها في علم الله ووجهها الذي يلي القدس والتغير انما يلحق السماء بحسب وجهها الذي يلي المادة وهو الطبيعة لأنها فانية وهو باق كما قال تعالى كل شئ هالك الا وجهه ومراده من قوله والباري قادر على أن يفنى العالم يوما ان أراد هو يوم القيمة الذي مقداره خمسين الف سنه.
وقد أوردنا من الأصول والمبادئ الصحيحة ما يستفاد بقوتها تفسير كلامه و تبيين مرامه فلا نخوض في بسطه وشرحه حذرا من الإطالة ومن الفلاسفة القائلين بحدوث العالم ذيمقراطيس وشيعته الا ان له رموزا وتجوزات قل من اهتدى إليها.
ولهذا اشتهر منه أشياء بظاهرها يناقض الأصول الحكمية مثل القول بالأجسام الصغيرة ومثل القول بالاتفاق والبخت وكان هذا الفيلسوف انما أنكر الغاية بمعنى العلة الغائية في فعل واجب الوجود لا غير إذ ما من حكيم الا وهو معترف بان ما لا يجب لا يكون بل هو وغيره يسمون الأمور اللاحقة بالمهيات لا لذواتها بل بسبب غيرها أمورا اتفاقية وحينئذ يصح القول بان وجود هذا العالم اتفاقي.
قال بعض العلماء ان هذا الرجل تصفحنا كلامه القدر الذي وجدناه قد دل على قوة سلوكه وذوقه ومشاهدات له رفيعه قدسية وأكثر ما نسب إليه افتراء محض بل القدماء لهم الغاز ورموز وأغراض صحيحه ومن اتى بعدهم رد على ظواهر رموزهم اما لغفلة أو تعمدا لما يطلب من الرياسة انتهى.
فمن كلماته المرموزة أنه قال المبدع الأول (1) ليس هو العنصر فقط ولا العقل