خرابه وعلم منه كيفية خراب الأفلاك وطي السماوات كطي السجل للكتب كما قال تعالى كما بدانا أول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين وذلك لان الباري عز اسمه محرك الأفلاك ومدير السماوات ومدبرها فاعل حكيم مختار في فعله وصنعه وكل فاعل مختار فله في فعله غرض وغاية وهي عناية الله السابقة على وجود أفاعيله وصنايعه قبل اظهار فعلها وصنعتها ومن اجل العناية السابقة يفعل ما يفعله بتوسيط الأسباب وتشويق المحركات وكل محرك فإذا بلغ فعله إلى غرضه وغايته قطع الفعل البتة وامسك عن العمل بالضرورة.
فإذا كان محرك الأفلاك بإذن الله تعالى وموجد الآنيات الزمانية بإرادته نال غرضه في تحريكها فسبيله ان يمسك عن تحريكها وإدارتها وكلما أمسك محرك الأفلاك ومشوق الأملاك عن التحريك والتشويق وقفت السماوات عن الدوران والكواكب عن المسير وخرب العالم وفسد النظام وبطلت الفصول وانعدمت المواليد والحرث والنسل وانتقلت الأكوان إلى الدار الآخرة.
وذلك لان قوام هذا العالم بالحركة التي هي صوره المكونات فإذا بطلت بطل الجميع وإذا نفدت نفد بنفاذها الأكوان وقامت القيمة فقد علم بما ذكره على هذا الشرح بوار العالم وخراب الأفلاك وطي السماوات والأرضين ان في هذا لبلاغا لقوم عابدين.
وهم وتحصيل ربما يتوهم متوهم ان الفاعل المتحرك لعله لم يبلغ إلى غرضه ولم ينل بغيته فيزاج بأنه إذا علم المحرك انه لا يبلغ غرضه فسبيله أيضا ان يمسك عن الفعل وأيضا ما لا يمكن الوصول إليه لم يمكن ان يكون غرضا مركوزا في جبلة الفاعل لأجله وقد فرضناه كذلك.
اللهم الا ان الفاعل يقصده ويميل إليه مجازفة أو قسرا وشئ منهما لا يكون