بمركزها.
واما دائرة النفس فإنها تتحرك على مركزها وهو العقل حركه الاستكمال و اما دائرة العالم السفلى فإنها دائرة تدور حول النفس وإليها تشتاق وانما تتحرك بهذه الحركة الذاتية شوقا إلى النفس كشوق النفس إلى العقل وشوق العقل إلى الخير الأول المحض.
ولأن دائرة هذا العالم جرم والجرم يشتاق إلى الشئ الخارج منه ويحرص ان يصير إليه فيعانقه فلذلك الجرم الأقصى الشريف يتحرك حركه مستديرة لأنه يطلب النفس من جميع النواحي لينالها فيستريح إليها ويسكن عندها.
هذا كلامه وهو صريح في استحالة الفلك وانقطاع حركته الذاتية ودثور الطبيعة ونفاده وفناء العالم الجسماني واضمحلاله وانتقاله إلى الدار الآخرة حسبما أوضحنا سبيله ومن الحكماء المبرزين المشهورين بالفضل والبراعة الإسكندر الافرودوسي وهو من كبار أصحاب أرسطاطاليس رأيا وعلما وكلامه أمتن ومقالته أرصن.
وقد وصفه الشيخ في الشفاء وفي كتاب المبدء والمعاد يفاضل المتقدمين وافق أستاذه في كثير من المسائل.
منها ان الباري عالم بالأشياء كلها كلياتها وجزئياتها على نسق واحد ولا يتغير علمه بتغير المعلوم ولا يتكثر وخالفه في بعضها بحسب ظاهر الامر ونحن قد وجهنا قوله بهلاك بعض النفوس كما ستعلم.
ومما انفرد به أنه قال كل كوكب ذو نفس وطبع وحركه من جهة نفسه وطبعه ولا يقبل التحريك من غيره أصلا ومن كلامه الدال على حدوث ما سوى الفلك المحدد أنه قال لما كان الفلك محيطا بما دونه فكان الزمان جاريا عليه لان الزمان هو العاد للحركات أي عددها ولما لم يكن يحيط به شئ آخر والا لكان الزمان جاريا عليه لم يجز ان يفسد ويكون فلم يكن قابلا للكون والفساد وما لا يقبل الكون والفساد كان قديما.