مكاني باعتبار امتدادها الجسماني وأراد بالصورة الطبيعة المنوعة للأجرام وهي بحسب وجودها النفسي أو العقلي فوق الهيولى والابعاد فوقيه بالعلية والشرف وكل من الهيولى والصورة مبدء للوجود أيضا بمعنى ما منه الشئ لا بمعنى ما به الشئ لكن الصورة مبدء فعليه الشئ الحادث وكماله والمادة مبدء قوته وقبوله وافتقاره.
ثم إن الصورة إذا كملت فهي غاية كماله والمادة إذا ادثرت وطرحت كالقشر المرمى فهي غاية عدمه ومرجع فقره ونقصه ولهذا قال منهما المبدء وإليهما المعاد إذ مبدء كل معلول هو ما ينتهى إليه فخرج من كلامه ان الجسمانيات وسائر الصور الحسية يتجدد وجودها من الصور المفارقة الباقية عند الله ثم تعود إليها وهذه الحسيات داثرة فاسده بدثور الهيولى وتلك باقيه عند الله ببقائه لا ببقاء ذواتهم فكل شئ هالك الا وجهه.
ومن حكم الشيخ اليوناني الدالة على حدوث هذا العالم أنه قال على سبيل الرمز ان أمك رؤوم لكنها فقيرة رعناء وان أباك لحدث لكنه جواد مقدر يعنى بالام الهيولى وبالأب الصورة وبالرؤومية انقيادها وبالفقر قوة قبولها وهي امر عدمي و بالرعونة عدم ثباتها على حاله واحده ووجود باق واما حداثة الصورة فهي تجددها في الوجود في كل آن واما جودها فهو مبدئيتها للاعراض والآثار أو موجوديتها فبحسب حقيقتها العقلية التي في علم وهي من جهات إفاضة الله ورحمته على القوابل المستعدة و هذه القوابل انما تقبل الصور بقدر معلوم من خصوصيات الأزمنة والأوقات كما قال سبحانه وان من شئ الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم.
ومن كلماته الدالة على حدوث عالم الطبيعة والجسم قوله النفس جوهر شريف كريم تشبه دائرة قد دارت على مركزها غير أنها دائرة لا بعد لها ومركزها العقل وكذلك العقل دائرة استدارة على مركزها وهو الخير الأول المحض غير أن النفس والعقل وان كانا دائرتين لكن دائرة العقل لا تتحرك ابدا بل هي ساكنه واقفه شبيهه