نور الأحدية لكن حسن الظن بهذا الفيلسوف يستدعى ان اعتقاده ومذهبه هو القول الأول كما يشهد به وفور علمه وقوه حدسه واحكام براهينه في ساير الأصول الحكمية ولأن طرفيه وهما أفلاطون أستاذه وفرفوريوس تلميذه قائلان بذلك القول كما يستفاد من كلمات كل منهما ومذهبه والله أعلم بالسرائر.
ومما يدل على أن هذا الفيلسوف كان يرى ويعتقد حدوث العالم الجسماني ودثوره ما قاله في الميمر السابع من كتاب معرفه الربوبية وهو انه لما قبلت الهيولى الصورة من النفس حدثت الطبيعة ثم صورت الطبيعة وصيرتها قابله للكون اضطرارا وانما صارت الطبيعة قابله للكون لما جعل فيها من القوة النفسانية والعلل العالية ثم وقف فعل العقل عند الطبيعة ومبدء الكون فالكون آخر العلل العقلية المصورة وأول العلل المكونة ولم يكن يجب ان يقف العلل الفواعل المصورة للجواهر من قبل ان يأتي الطبيعة.
وانما ذلك كذلك من اجل العلة الأولى التي صيرت الآنيات العقلية عللا فواعل مصورة للعلل العرضية الواقعة تحت الكون والفساد وان العالم الحسى انما هو إشارة إلى العالم العقلي والى ما فيه من الجواهر العقلية وثبات قواها العظيمة وفضائلها الكريمة وخيرها الذي يغلى غليانا وتفور فورا انتهى كلامه.
أقول قوله صورت الطبيعة وصيرتها قابله للكون والفساد اضطرارا معناه جعلتها جعلا بسيطا وهي في ذاتها قابله للكون بحسب هذا الوجود لا انها لم تكن في ذاتها كذلك فصيرتها كذلك بحسب عارض غريب عن وجودها ناهيك به قوله اضطرارا يعنى صفه الكون والفساد من ضروريات هويه الصورة الطبيعية من غير تخلل جعل بينها وبين كونها على تلك الصفة.
وقوله انما صارت الطبيعة قابله للكون إلى آخره إشارة إلى لمية تجدد الطبيعة واستمرارها وهما متقابلان بوجه لما فيها من شوب قوة وفعلية ودثور وثبات وذلك لان في أسبابها وعللها شبه هاتين الصفتين فالقوة النفسانية مما يلزمها النقص والشوق و