* (فصل في سبب أيام البحران وأدواره) * ان أكثر الناس يجعل السبب في تقدير أزمنة بحرانات الأمراض الحادة من جهة القمر وان قوته قوة سارية في رطوبات العالم توجب فيها أصنافها من التغير وتعين على النضج والهضم أو على الخلاف بحسب استعداد المادة ويستدلون في ذلك بحال المد والجزر وزيادة الأدمغة مع زيادة النور في القمر وسرعة نضج الثمرات الشجرية والبقلية مع استبداره ويقولون ان رطوبات البدن منفعلة عن القمر فتختلف أحوالها بحسب اختلاف أحوال القمر ويشتد ظهور الاختلاف مع اشتداد ظهور الاختلاف في حال القمر وأشد ذلك إذا صار على مقابلة حال كان فيها ثم على تربيع وهذا ينقسم دوره إلى النصف ثم إلى نصف النصف قالوا ولما كان دور القمر في تسعة وعشرين يوما وثلث تقريبا تنقص منه أيام الاجتماع إذ القمر لا فعل له فيه وهي بالتقريب يومان ونصف وثلث تبقى ستة وعشرون يوما ونصف يكون نصفه ثلاثة عشر يوما وربعا وربعه ستة أيام ونصف وثمن وثمنه ثلاثة أيام وربع ونصف ثمن وهو أصغر دوره وربما خرجوه على وجه آخر فيخالف هذا الحساب بقليل ويزيد فيه قليلا ولكن فيه تعسف فتكون اذن هذه المدد مددا توجب أن تظهر فيها اختلافات عظيمة وهي أيام الأدوار الصغرى وإذا ابتدأت المدة فكانت المادة صالحة ظهر عند انتهائها تغير ظاهر إلى الصلاح وان ابتدأت المدة وكانت المادة والأحوال فاسدة كان التغير الظاهر عند انختام المدة إلى الفساد وأما بحرانات الأمراض التي هي في الأزمان وفوق شهر فيعدونها من الشمس ثم في هذا التقدير والتجزئة شكوك وفيها مواضع بحث لكن الاشتغال بذلك على الطبيعي ولا يجدى على الطبيب شيئا انما على الطبيب أن يعرف ما يخرج بالتجربة الكثيرة وليس عليه أن يعرف علته إذا كان بيان تلك العلة يخرج به إلى صناعة أخرى بل يجب أن يكون القول بأيام البحران قولا يقوله على سبيل التجربة أو على سبيل الأوضاع والمصادرات واعلم أن أكثرهم يسمى بالدور ما لا يخرج به التضعيف عن جنسه ومعناه أن لا يخرج به التضعيف إلى يوم غير بحراني ومثال هذا الرابوع والسابوع فان تضعيفهما ينتهى ابدا إلى يوم باحوري بحسب اعتبار أيام البحران التي تقع للأمراض التي يليق بها الرابوع والسابوع فالأدوار الجيدة الأصلية ثلاثة دور الأرابيع وهو تام ودور الأسابيع وهو تام لكن دور العشرينيات أتم من الجميع فان الأربعين والستين والثمانين كل ذلك أيام بحران وأما الدوران الأولان فينقصان من ذلك بسبب الكسر الذي يجب أن يراعى ولذلك تكون ثلاثة أسابيع عشرين يوما لا أحدا وعشرين يوما والرابوع الأول هو الرابع والرابوع الثاني فيه جبر الكسر فلذلك يكون في السابع لأنه يكون ستة أيام وشيئا كثيرا من السابع ولذلك يقع موصولا والرابوع الثالث يقع في الحادي عشر وهناك يجبر وقت تضعيف السابوع فيلحق السابوع الثاني فيكون في الرابع عشر ثم إذا جبرنا السابوع الثالث وقع في اليوم العشرين وقد جرى الامر في الرابوعات على أن الرابوع الأول والثاني موصولان والثاني والثالث منفصلان والثالث والرابع موصولان فإذا جاوز الرابع عشر فقد وقع فيه الخلاف فالأفاضل مثل بقراط وجالينوس ابتدؤا بالموصول فكان ترتيب الأيام هكذا السابع والعشرون موصول الرابوعات والواحد والعشرون مضاعف السابوعات على الفصل
(١٠٨)