الحار الغريزي وتهييجه إلى المدافعة كما يفعله الترياق واللعبة البربرية وتدبيرنا بالتقوية لتحرق السم وتدفعه إلى خارج ومراعاة تقوية الأحشاء ثم دفع السم وابطال فعله بالمشروبات والأطلية التي لها ذلك بخاصية أو بطبيعة معروفة على ما نذكر وربما دخل في هذه الاعراض شئ آخر وهو التدبير المقال لرطوبات البدن فان نفوذ السم في الأعضاء الأصلية أعسر وأصعب عليه من نفوذه في الرطوبات إذا وجدها وامتطاها ويدخل في هذا الباب الفصد والاسهال ونحوه وأولى الأوقات بالفصد حين ما تعلم أن السم قد انتشر في البدن وليس مما ينجذب وخصوصا لمن كان ممتلئا وقد يدخل في هذا الباب شئ آخر وهو تصيير الأخلاط متحركة إلى جهة أخرى غير جهة الأعضاء الرئيسة والمشروبات على السموم اما ترياقات وباد زهرات كلية أو خاصة بذلك السم واما أدوية مضادة للسم بالمزاج كالحلتيت المضاد لسم العقرب بالخاصة واما مموجة للسم إلى خارج بتحريك الأخلاط إلى خارج كالأدوية المعرقة واما أدوية منحية للأخلاط عن وجه السم فلا تجد على ما ذكرنا مركبا مثل الأدوية المسهلة والمقيئة في اللسوع وكذلك المدرات واما أدوية محركة للمواد إلى البعد عن الرئيسة فيتدافع ما يتحرك إليها كهذه الأدوية المسهلة والمقيئة والمدرة والأدوية التي تستعمل على العضوض أطلية فيها اعراض أحدها ان تمنع نفوذ السم في البدن وذلك اما برباطات وسد طرق ومنع نوم لتحرك الحار الغريزي إلى خارج فيدافع ومن هذا الباب قطع العضو الملسوع واما بأدوية تكوى وأسباب جواذب ولذلك القوابض ضارة لها لأنه لا أنفع من الدواء الذي يجذب السم إلى خارج ويمنعه عن النفوذ إلى داخل وخصوصا إذا كان السم بعد لم ينتشر ومن هذا القبيل المحاجم وربما احتيج إلى شرط ان كان قد تعمق ونفذ وان كان يمكن فارسال العلف حينئذ يغنى عن ذلك وعن المص ما دام في الجلد فان المص ربما كفى ويجب أن يكون الماص غير صائم بل قد أكل وغسل فاه ويكون غير متأكل الأسنان وقد تمضمض بشراب ريحاني وشرب منه شيئا وامسك في فمه دهن الورد أو دهن البنفسج وإذا كان في فمه آفة اخر ودفع وكل ما يمصه هذا الماص فيجب أن يبصقه وأما الأدوية فمثل الأدوية المعرقة شربا والمحمرة والجاذبة طلاء ويقول جالينوس ان الأدوية الجاذبة للسم اما ان تكون جاذبة بالقوة المسخنة أو بسبب المشاكلة لتجذب ما تشاكله مثل ما يفعل شحم التمساح لعضة التمساح ولحم الأفعى بعد قطع طرفيه في جذب سمه حتى تكون بعض الأدوية النافعة من السموم سموما أيضا لكنها أضعف وكأنها فيما بين مزاج البدن ومزاج السم وهذا القول مما يجب ان ينظر فيه الطبيعي من الحكماء ليعرف انه غير متقن وأما الطبيب فليس يضره ان لا يعرف هذا وكثير من النطولات الجاذبة تقرح وتنفط فيجب أن يسيل ما فيه فهذا من شرائط الدواء المطلي ومن شرائطه أن يكون الدواء محيلا لطبيعة السم إحدى الاحالات اما الاجماد كفعل أصل اليبروح واما الاحراق كفعل الكي بالنار أو بالزيت والزفت خاصة الزفت المغلى وهو عمل أهل مصر واما لخاصية مضادة واما لكيفية في الحر والبرد مضادة وإذ استعمل ما يجذب في الابتداء أو يفعل شيئا مما ذكرنا ولم ينفع وكان الامر عظيما قطع ما حوالي اللسعة واخذ لحمه كله إلى العظم وان كان الخوف أعظم من ذلك قطع العضو ثم كوى ومما يحتاج إليه في جميع
(٢٣٦)