خارجة عن كيفية الانسان إلى طرف من طرفي الخروج عن المساواة فلا يؤثر فيه أثرا مائلا عن الاعتدال وكانه معتدل بالقياس إلى فعله في بدن الانسان وكذلك إذا قلنا انه حار أو بارد فلسنا نعنى انه في جوهره بغاية الحرارة أو البرودة ولا انه في جوهره أحر من بدن الانسان أو أبرد والا لكان المعتدل ما مزاجه مثل مزاج الانسان ولكنا نعنى به انه يحدث منه في بدن الانسان حرارة أو برودة فوق اللتين له ولهذا قد يكون الدواء باردا بالقياس إلى بدن الانسان حارا بالقياس إلى بدن العقرب وحارا بالقياس إلى بدن الانسان باردا بالقياس إلى بدن الحية بل قد يكون دواء واحد أيضا حارا بالقياس إلى بدن زيد فوق كونه حارا بالقياس إلى بدن عمرو ولهذا يؤمر المعالجون بان لا يقيموا على دواء واحد في تبديل المزاج إذا لم ينجع * وإذ قد استوفينا القول في المزاج المعتدل فلننتقل إلى غير المعتدل فنقول ان الأمزجة الغير المعتدلة سواء أخذتها بالقياس إلى النوع أو الصنف أو الشخص أو العضو ثمانية بعد الاشتراك في أنها مقابلة للمعتدل وتلك الثمانية تحدث على هذا الوجه وهو ان الخارج عن الاعتدال اما ان يكون بسيطا وانما يكون خروجه في مضادة واحدة واما ان يكون مركبا وانما يكون خروجه في المضادتين جميعا والبسيط الخارج في المضادة الواحدة اما في المضادة الفاعلة وذلك على قسمين لأنه اما ان يكون أحر مما ينبغي لكن ليس أرطب مما ينبغي ولا أيبس مما ينبغي أو يكون أبرد مما ينبغي وليس أيبس مما ينبغي ولا أرطب مما ينبغي واما أن يكون في المضادة المنفعلة وذلك على قسمين لأنه اما ان يكون أيبس مما ينبغي وليس أحر ولا أبرد مما ينبغي واما أن يكون أرطب مما ينبغي وليس أحر ولا أبرد مما ينبغي لكن هذه الأربعة لا تستقر ولا تثبت زمانا له قدر فان الأحر مما ينبغي يجعل البدن أيبس مما ينبغي والأبرد مما ينبغي يجعل البدن أرطب مما ينبغي بالرطوبة الغريبة والا يبس مما ينبغي سريعا ما يجعله أبرد مما ينبغي والأرطب مما ينبغي ان كان بافراط فإنه أسرع من الأيبس في تبريده وان كان ليس بافراط فإنه يحفظه مدة أكثر الا انه يجعله آخر الامر أبرد مما ينبغي وأنت تفهم من هذا ان الاعتدال أو الصحة أشد مناسبة للحرارة منها للبرودة فهذه هي الأربع المفردة * وأما المركبة التي يكون الخروج فيها في المضادتين جميعا فمثل ان يكون المزاج أحر وأرطب معا مما ينبغي أو أحر وأيبس معا مما ينبغي أو أبرد وأرطب معا مما ينبغي أو أبرد وأيبس معا ولا يمكن ان يكون أحر وأبرد معا ولا أرطب وأيبس معا وكل واحد من هذه الأمزجة الثمانية لا يخلو اما ان يكون بلا مادة وهو ان يحدث ذلك المزاج في البدن كيفية وحدهما من غير أن يكون قد تكيف البدن به لنفوذ خلط فيه متكيف به فيتغير البدن إليه مثل حرارة المدقوق وبرودة الخصر المصرود المثلوج واما ان يكون مع مادة وهو ان يكون البدن انما تكيف بكيفية ذلك المزاج لمجاورة خلط نافذ فيه غالب عليه تلك الكيفية مثل تبرد الجسم الانساني بسبب بلغم زجاجي أو تسخنه بسبب صفراء كراثي وستجد في الكتاب الثالث والرابع مثالا لواحد واحد من الأمزجة الستة عشر (واعلم) ان المزاج مع المادة قد يكون على جهتين وذلك لان العضو قد يكون تارة منتقعا في المادة مبتلا بها وقد تكون تارة المادة محتبسة في مجاريه وبطونه فربما كان احتباسها ومداخلتها يحدث توريما وربما لم يكن فهذا هو القول في المزاج فليتسلم الطبيب من الطبيعي على سبيل الوضع ما ليس بينا له بنفسه
(٩)