التحليل ويقل الدم فيه والبلغم ويكثر المرار الأصفر ثم في آخره المرار الأسود بسبب تحلل الرقيق واحتباس الغليظ واحتقانه وتجد المشايخ ومن يشبههم أقوياء في الصيف ويصفر اللون بما يحلل من الدم الذي يجذبه وتقصر فيه مدد الأمراض لان القوة ان كانت قوية وجدت من الهواء معينا على التحليل فأنضجت مادة العلة ودفعتها وان كانت ضعيفة زادها الحر الهوائي ضعفا بالارخاء فسقطت ومات صاحبها والصيف الحار اليابس سريعا ما يفصل الأمراض والرطب مضاغ طويل مدد الأمراض ولذلك يؤل فيه أكثر القروح إلى الاكلة ويعرض فيه الاستسقاء وزلق الأمعاء وتلين الطبع ويعين في جميع ذلك كله كثرة انحدار الرطوبات من فوق إلى أسفل وخصوصا من الرأس وأما الأمراض القيظية فمثل حمى الغب والمطبقة والمحرقة وضمور البدن ومن الأوجاع أوجاع الاذن والرمد ويكثر فيه خاصة إذا كان عديم الريح الحمرة والبثور التي تناسبها وإذا كان الصيف ربيعيا كانت الحميات حسنة الحال غير ذات خشونة وحدة يابسة وكثر فيه العرق وكان متوقعا في البحارين لمناسبة الحار الرطب لذلك فان الحار يحلل والرطب يرخى ويوسع المسام وان كان الصيف جنوبيا كثرت فيه الأوبية وأمراض الجدري والحصبة واما الصيف الشمالي فإنه منضج لكنه يكثر فيه أمراض العصر وأمراض العصر أمراض تحدث من سيلان المواد بالحرارة الباطنة أو الظاهرة إذا ضربتها برودة ظاهرة فعصرتها وهذه الأمراض كلها كالنوازل وما معها وإذا كان الصيف الشمالي يابسا انتفع به البلغميون والنساء وعرض لأصحاب الصفراء رمد يابس وحميات حارة مزمنة وعرض من احتراق الصفراء للاحتقان غلبة سوداء وأما الخريف فإنه كثير الأمراض لكثرة تردد الناس فيه في شمس حارة ثم رواحهم إلى برد ولكثرة الفواكه وفساد الأخلاط بها ولانحلال القوة في الصيف والاخلاط تفسد في الخريف بسبب المأكولات الرديئة وبسبب تحلل اللطيف وبقاء الكثيف واحتراقه وكلما أثار فيها خلط من تثوير الطبيعة للدفع والتحليل رده البرد إلى الحقن وقل الدم في الخريف جدا بل هو مضاد للدم في مزاجه فلا يعين على توليده وقد تقدم تحليل الصيف الدم وتقليله منه ويكثر فيه من الأخلاط المرار الأصفر بقية عن الصيف والأسود لترمد الأخلاط في الصيف فلذلك تكثر فيه السوداء لان الصيف يرمد والخريف يبرد وأول الخريف موافق للمشايخ موافقة ما وآخره يضرهم مضرة شديدة وأمراض الخريف هي الجرب المتقشر والقوابي والسرطانات وأوجاع المفاصل والحميات المختلطة وحميات الربع لكثرة السوداء لما أوضحناه من علة ولذلك يعظم فيه الطحال ويعرض فيه تقطير البول لما يعرض للمثانة من اختلاف المزاج في الحر والبرد ويعرض أيضا عسر البول وهو أكثر عروضا من تقطير البول ويعرض فيه زلق الأمعاء وذلك لدفع البرد فيه مارق من الأخلاط إلى باطن البدن ويعرض فيه عرق النسى أيضا وتكون فيه الذبحة لذاعة مرارية وفي الربيع بلغمية لان مبدأ كل منهما ما من الخلط الذي يثيره الفصل الذي قبله ويكثر فيه ايلاوس اليابس وقد يقع فيه السكتة وأمراض الرئة وأوجاع الظهر والفخذين بسبب حركة الفصول في الصيف ثم انحصارها فيه ويكثر فيه الديدان في البطن لضعف القوة عن الهضم والدفع ويكثر خصوصا في اليابس منه الجدري وخصوصا إذا سبقه صيف حار ويكثر فيه الجنون أيضا لرداءة
(٨٦)