ما هو شبيه به واحدة في النوع والطبيعة والأسخن ليس شبيها بالأبرد بل السخينان واحدهما أسخن يختلفان فيكون الذي ليس بأسخن هو بالقياس إلى الأسخن باردا فينفعل من حيث هو بارد بالقياس إليه لا حار وينفعل أيضا عن الأبرد منه وعن البارد الا أن أحدهما ينمي كيفيته ويعين أقوى ما فيه والآخر ينقص كيفيته فيكون استحالته إلى ما ينمي كيفيته ويعين أقوى ما فيه أسهل على أن ههنا شيئا آخر يختص ببعض ما يشاركه في الكيفية وهو ناقص فيها مثل ان الحار المزاج في طبعه انما يسرع قبوله التأثير الحار فيه لما يبطل الحار من تأثير الضد الذي هو البرد المعاوق لما ينحوه المزاج الحار من زيادة تسخين فإذا التقيا وبطل المانع تعاونا على التسخين فيتبع ذلك التعاون اشتداد تام من الكيفيتين وأما إذا حاول الحار الخارجي ان يبطل الاعتدال فان الحار الغريزي الداخل أشد الأشياء مقاومة له حتى أن السموم الحارة لا يقاومها ولا يدفعها ولا يفسد جوهرها الا الحرارة الغريزية فان الحرارة الغريزية آلة للطبيعة تدفع ضرر الحار الوارد بتحريكها الروح إلى دفعه وتنحية بخاره وتحليله واحراق مادته وتدفع أيضا ضرر البارد الوارد بالمضادة وليست هذه الخاصية للبرودة فإنها انما تنازع وتعاوق الوارد الحار بالمضادة فقط ولا تنازع الوارد البارد والحرارة الغريزية هي التي تحمى الرطوبات الغريزية عن أن تستولي عليها الحرارة الغريبة فان الحرارة الغريزية إذا كانت قوية تمكنت الطبيعة بتوسطها من التصرف في الرطوبات على سبيل النضج والهضم وحفظها على الصحة فتحركت الرطوبات على نهج تصريفها وامتنعت عن التحرك على نهج تصريف الحرارة الغريبة فلم يعفن واما ان كانت هذه الحرارة ضعيفة خلت الطبيعية عن الرطوبات لضعف الآلة المتوسطة بينها وبين الرطوبات فوقفت وصادفتها الحرارة الغريبة غير مشغولة بتصريف فتمكنت منها واستولت عليها وحركتها حركة غريبة فحدثت العفونة فالحرارة الغريزية آلة للقوى كلها والبرودة منافية لها لا تنفع الا بالعرض فلهذا يقال حرارة غريزية ولا يقال برودة غريزية ولا ينسب إلى البرودة من كدخدائية البدن ما ينسب إلى الحرارة * وأما السابع فحال النوم واليقظة فان اعتدالهما يدل على اعتدال المزاج لا سيما في الدماغ وزيادة النوم بالرطوبة والبرودة وزيادة اليقظة لليبس والحرارة خاصة في الدماغ * وأما الثامن فهو الجنس المأخوذ من دلائل الافعال فان الافعال إذا كانت مستمرة على المجرى الطبيعي تامة كاملة دلت على اعتدال المزاج وان تغيرت عن جهتها إلى حركات مفرطة دلت على حرارة المزاج وكذلك إذا أسرعت فإنها تدل على الحرارة مثل سرعة النشو وسرعة نبات الشعر وسرعة نبات الأسنان وان تبلدت أو ضعفت وتكاسلت وأبطأت دلت على برودة المزاج على أنه قد يكون ضعفها وتبلدها وفتورها واقعا بسبب مزاج حار الا أنه لا يخلو مع ذلك عن تغيير عن المجرى الطبيعي مع الضعف وقد يفوت بسبب الحرارة أيضا كثير من الافعال الطبيعية وينقص مثل النوم فربما بطل بسبب المزاج الحار أو نقص ولذلك قد يزداد بعض الأحوال الطبيعية للبرد مثل النوم الا انها لا تكون من جملة الأحوال الطبيعية مطلقا بل يشرط وبسبب فان النوم ليس محتاجا إليه في الحياة والصحة حاجة مطلقة بل بسبب تخل من الروح عن الشواغل لما عرض له من التعب أو لما يحتاج إليه من الاكباب على هضم الغذاء لعجزه عن الوفاء بالامرين فاذن النوم انما يحتاج إليه من جهة
(١١٨)