وسبب الشيب عند أرسطوطاليس هو الاستحالة إلى لون البلغم وعند جالينوس هو المتكرج الذي يلزم الغذاء الصائر إلى الشعر إذا كان باردا وكان بطئ الحركة مدة نفوذه في المسام وإذا تأملت القولين وجدتهما في الحقيقة متقاربين فان العلة بياض اللون البلغم والعلة في ابيضاض المتكرج واحد وهو إلى الطبيعي وبعد هذا فان للبلدان والأهوية تأثيرا في الشعر ينبغي ان يراعى فلا يتوقع من الزنجي شقرة شعر ليستدل به على اعتدال مزاجه الذي له ولا في الصقلبي سواد شعر حتى يستدل به على سخونة مزاجه الذي بحسبه وللأسنان أيضا تأثير في أمر الشعر فان الشبان كالجنوبيين والصبيان كالشماليين والكهول كالمتوسطين وكثرة الشعر في الصبي تدل على استحالة مزاجه إلى السوداوية إذا كبر وفي الشيخ على أنه سوداوي في الحال * واما الرابع فهو جنس الدلائل المأخوذة من لون البدن فان البياض دليل على الدم وقلته مع برودة فإنه لو كان مع حرارة وخلط صفراوي لأصفر والأحمر دليل على كثرة الدم وعلى الحرارة والصفرة ولشقرة يدلان على الحرارة الكثيرة لكن الصفرة أدل على المرار والشقرة على لدم أو الدم المراري وقد تدل الصفرة على عدم الدم وان لم يوجد المرار كما تكون في أبدان الناقهين والكمودة دليل على شدة البرد فيقل له الدم ويجمد ذلك القليل ويستحيل إلى السواد وتغير لون الجلد والأدم دليل على الحرارة والباذنجاني دليل على البرد واليبس لأنه لون يتبع صرف السوداء والجصي يدل على صرف البرد والبلغمية والرصاصي دليل للبرودة والرطوبة مع سوداوية ما لأنه بياض مع أدنى خضرة فيكون البياض تابعا للون البلغم أو لمزاج الرطوبة والخضرة تابعة لدم جامد إلى السواد ما هو قد خالط البلغم فخضره والعاجي ويدل على برد بلغمي مع مرار قليل وفي أكثر الامر فان اللون يتغير بسبب الكبد إلى صفرة وبياض وبسبب الطحال إلى صفرة وسواد وفي علل البواسير إلى صفرة وخضرة وليس هذا بالدائم بل قد يختلف والاستدلال من لون اللسان على مزاج العروق الساكنة والضاربة في البدن قوى والاستدلال من لون العين على مزاج الدماغ قوى وربما عرض في مرض واحد اختلاف لوني عضوين مثل ان للسان قد يبيض وبشرة الوجه تسود في مرض واحد مثل اليرقان العارض لشدة الحرقة من المرار * وأما الخامس فهو جنس الدلائل المأخوذة من هيئة الأعضاء فان المزاج الحار يتبعه سعة الصدر وعظم الأطراف وتمامها في قدورها من غير ضيق وقصر وسعة العروق وظهورها وعظم النبض وقوته وعظم العضل وقربها من المفاصل لان جميع الأفاعيل النسبية والهيئات التركيبية يتم بالحرارة والبرودة يتبعها اضداد هذه لقصور القوى الطبيعية بسببها عن تتميم أفعال الانشاء والتخليق والمزاج اليابس يتبعه قشف وظهور مفاصل وظهور الغضاريف في الحنجرة والأنف وكون الانف مستويا * وأما السادس فهو جنس الدلائل المأخوذة من سرعة انفعال الأعضاء فإنه ان كان العضو يسخن سريعا بلا معاسرة فهو حار المزاج ذا لاستحالة في الجنس المناسب تكون أسهل من الاستحالة إلى المضاد وان كان يبرد سريعا فالامر بالضد لذلك بعينه فان قال قائل ان الامر يجب ان يكون بالضد فانا نعرف يقينا ان الشئ انما ينفعل عن ضده لا عن شبهه وهذا الكلام الذي قدمته يوجب ان يكون الانفعال من الشبه أولى والجواب عن هذا ان الشبيه الذي لا ينفعل عنه هو الذي كيفيته وكيفية
(١١٧)