أو استصلبه واستخشنه فوق الطبيعي وليس هناك سبب من هواء أو استحمام بماء أو غير ذلك مما يزيده لينا أو خشونة فهو غير معتدل المزاج وقد يمكن ان يتعرف من حال أظفار اليدين في لينها وخشونتها ويبسها حال مزاج البدن ان لم يكن ذلك لسبب غريب على أن الحكم من اللين والصلابة متوقف على تقدم صحة دلالة الاعتدال في الحرارة والبرودة فإنه ان لم يكن كذلك أمكن ان يلين الحارة الملمس الصلب والخشن فضلا عن المعتدل بتحليله فيتوهم انه لين بالطبع ورطب وان يصلب البارد الملمس اللين فضلا عن المعتدل بفضل اجماده وتكثيفه فيتوهم يابسا مثل الثلج والسمين اما الثلج فلانعقاده جامدا واما السمين فلغلظه وأكثر من هو بارد المزاج لين البدن وان كان نحيفا لان الفجاجة تكثير فيه * والثاني جنس الدلائل المأخوذة من اللحم والشحم فان اللحم الأحمر إذا كان كثيرا دل على الرطوبة والحرارة ويكون هناك تلزز وان كان يسيرا وليس هناك شحم كثير دل على اليبس والحرارة واما السمين والشحم فيدلان دائما على البرودة ويكون هناك ترهل فان كان مع ذلك ضيق من العروق وقلة من الدم وكان صاحبه يضعف على الجوع لعقدة الدم الغريزي المهيئ لحاجة الأعضاء إلى التغذية به دل على أن هذا المزاج جبلي طبيعي وان لم تكن هذه العلامات الأخرى دل على أنه مزاج مكتسب وقلة السمين والشحم تدل على الحرارة فان السمين والشحم مادته دسومة الدم وفاعله البرد ولذلك يقل على الكبد ويكثر على الأمعاء وانما يكثر على القلب فوق كثرته على الكبد للمادة لا للمزاج والصورة ولعناية من الطبيعة متعلقة بمثل تلك المادة والسمين والشحم فان جمودهما على البدن يقل ويكثر بحسب قلة الحرارة وكثرتها والبدن اللحيم بلا كثرة من السمين والشحم هو البدن الحار الرطب وان كان كثير اللحم الأحمر ومع سمين وشحم قليل دل على الافراط في الرطوبة وان أفرطا دل على الافراط في البرد والرطوبة وأن البدن بارد رطب وأقصف الأبدان البارد اليابس ثم الحار اليابس ثم اليابس المعتدل في الحر والبرد ثم الحار المعتدل في الرطوبة واليبس * والثالث جنس الدلائل المأخوذة من الشعر وانما يؤخذ من جهة هذه الوجوه وهي سرعة النبات وبطؤه وكثرته وقلته ورقته وغلظه وسبوطته وجعودته ولونه أحد الأصول في ذلك واما الاستدلال من سرعة نباته وبطئه أو عدم نباته فهو ان البطئ النبات أو فاقد النبات إذا لم يكن هناك علامات دالة على أن البدن عادم للدم أصلا يدل على أن المزاج رطب جدا فان أسرع فليس البدن بذلك الرطب بل هو إلى اليبوسة ولكن يستدل على حرارته وبرودته من دلائل أخرى مما ذكرناه لكنه إذا اجتمعت الحرارة واليبوسة أسرع نبات الشعر جدا وكثر وغلظ وذلك لان الكثرة تدل على الحرارة والغلظ يدل على كثرة الدخانية كما في الشبان دون ما في الصبيان فان الصبيان مادتهم بخارية لا دخانية وضدهما يتبع ضدهما واما من جهة الشكل فان الجعودة تدل على الحرارة وعلى اليبس وقد تدل على التواء الثقب والمسام وهذا لا يستحيل بتغير المزاج والسببان الا ولأن يتغيران والسبوطة تدل على اضداد ذلك واما من جهة اللون فالسواد يدل على الحرارة والصهوبة تدل على البرودة والشقرة والحمرة تدلان على الاعتدال والبياض يدل اما على رطوبة وبرودة كما في الشيب واما على يبس شديد كما يعرض للنبات عند الجفاف من انسلاخ سواده وهو الخضرة إلى البياض وهذا انما يعرض في الناس في أعقاب الأمراض المجففة
(١١٦)