والقسطاس، والفردوس.
فنقول: إن من المعروف في جميع اللغات أنها قد تتداخل وتنقل اللفظة من لغة إلى لغة أخرى فتكون بهذا الأخذ في اللغة الثانية كسائر موضوعاتها الخاصة، وقد كثر ذلك في الأسماء في كل لغة، فالذي ينقل من لغة إلى اللغة العربية يسمى معربا، أي صار عربيا بعد أن كان غير عربي، وذلك كغالب أسماء الأنبياء، فلا يلزم بعد ذلك في فصيح العربية اجتنابها، بل إن الألفاظ المعترض بها لا مناص في الفصاحة والبلاغة وحسن البيان عن استعمالها لأنك تعلم أن مثل السندس، والإستبرق، والنمارق، والقسطاس الذي هو ميزان خاص مبني على الدقة، كل هذه لم تكن من صناعة العرب ولا متداولة عندهم ليضعوا لها الأسماء من لغتهم ابتداء، بل لم يكن يستعملها إلا ملوك الحاضرة ومترفوهم، فاكتفوا في تسميتها في لغتهم بتعريب أسمائها، فلا يمكن البيان عن حقائق مسمياتها إلا بأسمائها، ولو عدل عن أسمائها المذكورة إلى نحو آخر من التعبير لما تيسر بيان المسميات على ما ينبغي ولو بطول الكلام الفارغ، فاعتبر بما إذا جاء في بليغ الكلام الإنكليزي (سلدين) أي صلاح الدين و (جبرلتار) أي جبل طارق، و (ارابيك) أي عربي، فهل ترى مميزا يعترض على انكليزية ذلك الكلام بوجود هذه الألفاظ المأخوذة من العربية أو يقول، كان يلزم في بيان معانيها ومسمياتها أن تستعمل الألفاظ الانكليزية الأصلية، وإن أدى إلى التطويل والهذر، كلا.
وأما دعوى المتعرب أن الملة، والسكينة، والمثاني، والمائدة مأخوذة من اللغة العبرانية فهي دعوى ناشئة من فلتات الجهل وبوادر العصبية.
وأما اعتراضه على القرآن الكريم (ذ ص 85) بأنه يوجد فيه كثير مما تنافرت حروفه نحو فسبحه، ومن يسمعها، ومن يكرههن، وإذ سمعتموه وإذ زاغت.
فقد تلقن دعوى التنافر فيه من أعاجم يعسر عليهم النطق بالحاء والعين والذال، وما أشبهها، بل تراهم يتلكؤون في النطق بالكلمات العربية، وإن كانت حروفها متداولة بينهم.