ابتداء زيادة النيل بابتداء المطر في حوضه، وانتهائها بانتهائه وعينت موقع حوض النيل الذي يمده بماء المطر الواقع فيه، وعينت مساحة الحوض أيضا.
وأن المتعرب قد حقق كلامه هذا كون القرآن الكريم من الله علام الغيوب، فإنه لو كان من الناس لأسند خصب مصر إلى فيض النيل جريا على ما هو المعروف في تلك القرون التي لم تكتشف فيها مواقع البلاد، وطبيعيات الأرض وحياض الأنهار.
وما ظنك بجرأة المتعرب لو جاء في القرآن الكريم مثل ما جاء في توراته بأنه كان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة وهناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس، واسم النهر الثاني جيحون وهو المحيط بجميع أرض كوش، واسم النهر الثالث حد أقل (أي دجلة) وهو الجاري شرقي آشور، والنهر الرابع الفرات (تك 2، 100 - 15).
أفتراه لا يقول إن جيحون وأرض كوش في أفريقيا، ومبدء الفرات من أرمينية، ومبدء الدجلة من كردستان ومنتهاهما خليج فارس، فأين هذا وأين عدن، وأين هذا من العلم بتوقيع البلدان؟
ومن نحو هذا الفصل اعتراض المتكلف والمتعرب على القرآن الكريم إذ سمى صانع العجل لبني إسرائيل (بالسامري) وقد أوضحنا لك حقيقة الحال ومقدار جهلهما في (صفحتي 34 و 135 من الجزء الأول فراجع.
وقال الله تعالى في أول سورة الإسراء: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله).
فاعترض المتعرب على ذلك (ذ ص 51) بأن المسجد الأقصى الذي هو الهيكل السليماني كان قد خرب وانمحت آثاره منذ خمسمائة وخمسين سنة.
قلنا: لا يخفى أن المسجد لا يخرج عن فضيلة المسجدية وشرفها وعنوانها وإن صار خربة وانمحت آثاره منذ آلاف من السنين، وعلى ذلك عمل اليهود والنصارى فإنهم يعظمون بيت المقدس بناء على مسجديته السابقة على خرابه..
وأما اعتراضه باعتبار الرواية فساقط لما قدمناه في المقدمة السابعة.