وأعلى كلمته إلا رسول الله الصادع بأمر الله...
وإن كنت تعني بالمؤمنين من كان على مثل إيمانك فمن الغلط والشطط أن يشكوا في إيمان رسول الله بل لا يسعهم إلا القطع بأن رسول الله مستمسك بوثقى عروة الكفر بمثل ما تقول به أنت في إيمانك.
ومن لغة العرب رفع المعطوف على المنصوب (1) ومنه رفع المعطوف في الصورة على اسم (إن)، قال بشر ابن أبي حازم الأسدي يخاطب بني طي:
إذا جزت نواصي آل بدر * فأدوها وأسرى في الوثاق وإلا فاعلموا أنا وأنتم * بغاة ما بقينا في شقاق وقال الحارث بن ضابئ البرجمي:
ومن يك أمسى بالمدينة رحله * فأني وقيار بها لغريب وقال آخر:
خليلي هل طب فأني وأنتما * وإن لم تبوحا بالهوى دنفان وقال عنتر يرثي مالكا:
وكان إذا ما كان يوم كريهة * فقد علموا أني وهو فتيان وقال الله تعالى في سورة المائدة 73: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) فرفع لفظ (الصابئون) تمييزا لهم من النسق وتنبيها على أن الصابئين وإن كانوا أبعد من اليهود والنصارى عن صورة التوحيد إلا أنهم مثل اليهود والنصارى في أن من آمن منهم وعمل صالحا فهو آمن، ولا حاجة إلى هذه الفذلكة في الآية التاسعة والخمسين من سورة البقرة، وذلك لأجل أن التنازل في الترتيب فيها كاف في الإشارة إلى هذه النكتة، فالآيتان معا دالتان عليها ولكن كل واحدة بنحو من الأسلوب. وأما الآية السابعة عشرة من سورة الحج فلا محل لهذه النكتة فيها.