تذهب، فإنه لا مداخلة لذكر هذه الخصوصيات إلا في التاريخ المحض الذي ليس من وظيفة القرآن الكريم.
وأما الأحاديث الأحادية المختلفة فلا تكون حجة قاطعة في تعيين مراد القرآن حتى يقال فيه كيف، ولماذا.
ولا يلزم أن يكون تسخير الريح لسليمان من الحوادث التي يلزم أن يعلم بها كل أحد وتسطر في كل تاريخ، بل يجوز أن تكون تجري في مقاصد سليمان حسب أمره على نحو يحسب عامة الناس أنها تجري بهبوبها الطبيعي.
(فإن قلت) لو كان لذلك أصل أو أثر لذكرته كتب الوحي المتعرضة لأحوال سليمان وتاريخه من كتب العهد القديم كسفر الملوك الأول وسفر الأيام الثاني، فإن مثل ذلك بجميع أنحائه لا يخفى على الأنبياء، ولا ينبغي أن يهملوا ذكره.
(قلت): إنا نجاريك في أول الكلام على غرتك فنقول لك: إن سفر الملوك الأول صريح في أنه لم يستوف تاريخ سليمان، لأنه يقول في آخر تاريخه ما نصه: (وبقية أمور سليمان وكل الذي صنعه وحكمته أما هي مكتوبة في سفر أمور سليمان (1 مل 11، 41)، ولا تقل إن سفر أمور سليمان المشار إليه هو سفر الأيام الثاني، وذلك لأن سفر الأيام الثاني غير مختص بأمور سليمان حتى يسمى بها، بل يذكر ملوك يهوذا من سليمان إلى سبي بابل.
وأيضا فإنه لم يستوف ما ذكره سفر الملوك الأول في أمور سليمان، ولم يزد عليه بشئ، فانظر (1 مل 2، 12 - 11، 41، و 2، أي 1 - 9).
نعم قد يختلفان في شئ غلطا على أحدهما أو كليهما في النقل، كما تخالفا في نقلهما لصلاة سليمان، (انظر 1 مل 8: 50 - 54، و 2 أي 6، 39 - 42).
والذي يزعم أن سفر الملوك الأول من كتب الوحي فإنه يتجه عليه الاحتجاج من نفس السفر المذكور على أمور، وهي أن النبي وكتاب الوحي قد لا يستوفي التاريخ، وأن سفر الملوك الأول لم يستوف تاريخ سليمان وأن هناك