كتابا اسمه سفر أمور سليمان فيه بقية أمور سليمان وكل الذي صنعه، ولا شك إن هذا الكتاب غير موجود في كتب العهد القديم لا باسمه ولا بوصفه، فإذا إن بقية أمور سليمان، وكل الذي صنعه غير مذكورة في كتب العهد القديم...
وأيضا كيف يدعي أن سفر الملوك الأول هو كتابة نبي عن الوحي، إذا فليقل مدعي ذلك أنه كتابة - أي نبي من الأنبياء - وإلى أي الأنبياء يوصله النقل المتواتر، أفلا ترى أنه لم يجسر على تعيين كاتبه حتى خبط العشواء، وغاية ما في مكابرات المتكلف دعواه بأن سفري الملوك وسفري أخبار الأيام كتابات جملة من الأنبياء، فانظر (يه 4 ج ص 117)، ولعله يقول والبرهان الشافي الكافي على ذلك هو اتفاق الملوك الأول (22، 19 - 23)، والأيام الثاني (18، 18 - 22) على نسبة الحيرة إلى الله جل شأنه فيمن يغوي (اخاب) حتى اهتدى روح الكذب للرأي فاستعان بقدرته وصواب رأيه (تعالى الله عما يقولون)...
فلهفي على كتاب التاريخ إذا كان كذلك فضلا عن الكتاب الذي ينسب إلى الوحي، وقد ذكرنا لك في التصدير حال العهد القديم، ولأجل ذلك قد اشتغل سفر الملوك عن ذكر تسخير الريح لسليمان وأمثال ذلك من الكرامات بذكر شركه (وحاشاه) في آخر عمره، وذهابه وراء آلهة أخرى، وبنائه السواري والمرتفعات وشعائر العبادة للأوثان، فانظر (1 مل 11، 4 - 9).
فمن أين يسمع المتكلف بتسخير الريح لسليمان، ومن أين يعلم بإسالة عين القطر، وكيف يهتدي لمراد القرآن الكريم من ذلك.
وأما تسخير الجن في عملهم لسليمان فقد ذكرنا لك فيما تقدم صراحة العهدين كثيرا بوجود ما يسميه القرآن جنا وجانا على وجه تعرف أن الكتابي إذا أنكر ذلك فقد جحد كتابه واقتفى أثر (دارون)، وإذا عرفت ذلك عرفت شطط المتكلف في قوله: (إن الذين بنوا الهيكل هم العملة لا الجن).
فإن القرآن الكريم لم يقل إن الجن الذين بنوا الهيكل لم يكونوا عملة بل قال: إن الجن كانوا عملة، ولم يقل كان لكل واحد منهم سبعة رؤوس وعشرة