المقام الثالث: من اختلاف العهدين جاء في إنجيل متى قوله: (27، 9 و 10) حينئذ تم ما قيل بارميا النبي القائل: وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنوه من بني إسرائيل وأعطوها عن حقل الفخاري كما أمرني الرب.
هذا مع أن هذا المنقول لا يوجد في كتاب ارميا، نعم يوجد له مشابه في بعض المفردات في كتاب زكريا وهو قوله (11، 12 و 13) فوزنوا أجرتي ثلاثين من فضة فقال لي الرب: ألقها إلى الفخاري الثمن الكريم الذي ثمنت عليهم فأخذت الثلاثين الفضة وأرسلتها إلى الفخاري في بيت الرب، وأنت ترى أنه لا مماثلة من حيث المعنى ولا التركيب بين ما ذكرنا عن متى وما ذكرناه عن زكريا، وإنما توجد المماثلة بين بعض المفردات مثل: ثلاثين، وفضة وثمن، والذي، والرب.
فإن أغمضنا عن مسخ التركيب والمعنى فقد غلط كاتب الإنجيل في نسبته إلى ارميا وهو في كتاب زكريا، أو غلط كتاب العهد القديم إذ جعلوه في كتاب زكريا وهو من كتاب ارميا، وإن أغمضنا عن الغلط في النسبة، فقد غلط كاتب الإنجيل في مسخ التركيب، وتبديل الاسم، أو غلط العهد القديم في نقل الكلام على وجهه.
نقل إظهار الحق في الشاهد التاسع والعشرين من المقصد الثاني من الباب الثاني عن كتاب (وارد كاتلك) عن كتاب (مستر جويل) أن متى غلط فكتب (ارميا) موضع زكريا.
وعن (هورن) في تفسيره اعترافه بأن في هذا النقل إشكالا جدا من أجل عدم وجوده في ارميا وعدم مطابقته لما في زكريا. ونقل عن بعض المحققين بناءهم على أحد أمرين. إما تبديل الكتاب لزكريا بارميا غلطا. وإما أن لفظ ارميا الحقه الكتاب غلطا، ثم قوى هورن هذا الأخير ونقل إظهار الحق عن بعض مفسريهم أنه وجهه بالوجه الأول.
وعن ابن ساباط أن بعض قسيسيهم اعترف بأن متى كتب هذا اعتمادا