عمانوئيل: قد أجرينا بعض التحقيقات اللازمة في شأن التوراة الرائجة فانكشف لنا أنها غير التوراة الحقيقية فانظر إلى الجزء الأول من هذه الرحلة. فليس من الصواب أن تجعل مضامينها وسيلة لجدالك المبني على خضوعك للتخمينات.
وها هو ذا قرآن المسلمين يبين أن خلق الأرض وسكانها كان قبل خلق هذا النوع الانساني بمدة من الدهر وأن هذا النوع الانساني خلق خليفة بعد نوع أو أنواع منقرضة.
ولم يقتض المقام أن يتعرض لبيان ما مضى للمخلوف من الدهور والأحقاب. فانظر إلى قوله في الآية الثلاثين من سورة البقرة (وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة).
رمزي: إن أقوال العلم العصري والرأي السديمي تفيد أن تكون الشمس والكواكب والأرض يحتاج إلى دهور طويلة وملايين عديدة من السنين والتوراة والقرآن يقولان إن السماوات والأرض وما فيهما قد تم خلقها في ستة أيام.
عمانوئيل: قد أوضحنا فيما كتب في هذه الرحلة أن العلم الحقيقي يبين حدوث المادة والصورة وأنهما لا بد لهما من موجد قادر على خلقهما وتكوينهما إذن فمن ذا الذي حدد قدرة هذا الموجد أو حدد حكمته بحيث لا يمكن أن يخلق العالم بستة أيام.
أفلا تدري أن افتراضات المذهب السديمي إنما خيلتها افتراضات مستحيلة في العلم كافتراض قدم المادة وافتراض بساطتها في القديم بافتراض الجواهر الفردة أو افتراض الأثير ثم افتراض تطور المادة في صورها بالحركات الحادثة المحتاجة إلى الدهور والأعوام وما هي القيمة لهذه الافتراضات إذا قاومتها الحجة على استحالتها.
وكيف تصادر الإلهيين بافتراضات الماديين. وإن كنت من الإلهيين الذين خضعوا لتخمينات الرأي السديمي بالطفرة التي يسمونها بالشجاعة