مادته تكتسب صورة أخرى.
ألم تسمع هذا الدوي الكبير من الاكتشافات التي أوجبت الانقلاب العلمي والتي تبشر بملاشاة التخمينات الملفقة للمذهب المادي، ألا وهو دوي مذهب الدقائق الكهربائية وهو (أن المادة متكونة من دقائق الكهربائية) بل إن البحث المادي قد تقهقر عن تقحمه في القول بقدم المادة حتى صار المهم فيه هو التهجس على أنه هل في الكون مادة ابتدائية نشأت عنها جميع المواد؟
ولا تحسب أن الذرات الكهربائية أو (الكترونات) الكهربائية هي ذرات مادية كلا بل هي أقل ما وصل إليه الافتراض من مراتب القوة. يا رمزي إن العقل في غنى عن هذه الاكتشافات فإن عنده من القضايا الوجدانية الفطرية البديهية والمشاهدات الحسية ما يكفيه في فصل القضاء في هذه المسألة.
فقد تقدم في الجزء الثاني مبينا صفحة 93 أن ما لا يكون واجب الوجود لا يكون أزليا بل لا بد له من أن يكون حادثا محتاجا إلى موجد يوجده وأن المادة الخاضعة لتغيرات الكيان وتبادل التقلبات بالحقائق النوعية لا تكون واجبة الوجود بل هي حادثه لا بد لها من موجد يبدعها ويوجدها بعد عدمها. ومهما تغافلنا عما نحسه من حدوث الأجسام وتجدد وجودها فإن علينا الحجة الجلية بما لا ينكره أحد من حدوث الصور النوعية فإن ذلك يرغم مكابراتنا على الاذعان بأن إبداع الموجود بعد عدمه أمر معقول مشاهد محسوس.
رمزي: لا يمكننا أن ننكر حدوث الصور النوعية بعد عدمها بل لا نزال نشاهد صورا حادثة والكثير منها ما لا يذكر له التاريخ مثالا بل إن المذهب الداروني مذهب تسلسل الأنواع مؤسس على أن الأنواع تتجدد حقائقها على غير مثال سابق.
ولكن شعوري المتنور لا يذعن بإبداع المادة ووجودها بعد عدمها.