أيضا، والحال أنه لا يتعدى بها وهو واضح لمن كان له أنس بعلم اللغة ومحاورات العرب.
والحق أن معنى الصلح كما في اللغة والعرف هو رفع الخصومة والتوفيق بين الطرفين سواء كان بينهما خصومة فعلية أم خصومة مترقبة أم لا يكون بينهما خصومة أصلا، إذ ليس ذلك مبتنيا على ملاحظة الخصومة ولو مترقبة كما عليه العامة، بل يستعمل في الصفح والاعراض ورفع اليد وأمثال ذلك، ولذا يتعدى إلى المفعول الأول بعن وإلى الثاني بالباء.
ثم إذا تعلق الصلح بالعين بأن يقال صالحت داري هذه بعوض مثل مائة دينار، يكون هذا الصلح عين البيع من غير فرق بينهما أصلا كما هو الحال في المصالحات الواقعة في الأسواق على ما رأيناه فإن كل من المتصالحين لا يريد من صلحه إلا اعطاء ما عنده وأخذ ما عنده الآخر أو بالعكس. فحينئذ يكون تلك المعاملة إما بيعا فاسدا إذا فرض الجهالة في البين في العوضين أو لا يكون بيعا كما لا يكون غيره لعدم تعلق الإرادة به وهو واضح.
وحينئذ يعتبر في صحته ولزومه ما يعتبر في البيع من الشرايط من عدم الجهالة في الموضعين والقبض في المجلس في مصالحة النقدين وغيرهما من الخيار فيه وغيره، بناء على أن البيع يحصل بكل لفظ دال عليه ولو كان دلالته بذكر قيود مخصوصة عليه من دون أن يكون مخصوصا بلفظ دون لفظ آخر وبصيغة دون صيغة أخرى كما يشير إلى ذلك عبائر الفقهاء رحمهم الله من دون تخصيصهم ذلك بلفظ مخصوص أو صيغة مخصوصة.
وأن من قيده بصيغة مخصوصة عند تعريفه كجامع المقاصد