الاجتناب لكونه مشكوكا ابتدائيا عندئذ في جميع الصور الأربعة من غير فرق كما لا يخفى على الفطن فافهم واغتنم.
ويؤيد ما ذكرنا من عدم وجوب وجوب الاجتناب عن الباقي إنه لو علمنا بخلية أحدهما تفصيلا ولكن لا نعلم أنه الخمر الذي كان في أحد الطرفين وانقلب إلى الخل أو كان خلا من أول الأمر حين ما كان طرفا للعلم.
فلا يجب الاجتناب عن الطرف الآخر لكون خمريته صرف احتمال وشك، والفرق بين الاضطرار والفقدان غير خفي لأن التكليف قبل مفقودية أحد الطرفين كان منجزا ببركة العلم والاجتناب واجبا عن كليهما فإن الفقدان، لا يقلب التكليف، ولا يصير محرم الشرب واجبه، ولأجل ذلك يبقى التكليف في الآخر الموجود، على حال.
وهذا بخلاف الاضطرار، فإنه يقلب التكليف ويجعل محرم الشرب واجبه في المضطر إليه فيكون وجود الحرام في الآخر، مشكوك الوجود بدأ.
نعم يمكن الفرق بين صورتي الاضطرار من كون المضطر إليه معينا أو أحدهما لا بعينه، بوجوب الاجتناب عن الباقي والاحتياط في الثانية دون الأولى.
وذلك لما مر من الوجه المذكور آنفا من أن أدلة الاضطرار بانضمامها بأدلة وجوب الاجتناب عن الخمر أو النجس، توجب تقييدها بها فيكون مفادها أنه يجب الاجتناب عن الخمر غير المضطر إليه أو عن النجس غير المضطر إليه وهكذا، فعلى هذا يمكن دعوى انقلاب الحكم