أما الثاني فإن ترك قول المشهور في الكر، كان لأجل استلزامه شيئا عجيبا وهو عدم انطباق إحدى الضابطتين على الأخرى مع أن الروايات في مقام اعطاء القاعدة وتحقيقها، لأن أحد الميزانين وهو التحديد بالأشبار كان زائدا قرابة سبعة أشبار على الآخر وهو التحديد بالوزن الذي هو ميزان حقيقي دقي في تحديد وتوزين الأشياء وهذه الرواية الزيادة أمر معتد به لا يتسامح عادة في مقام اعطاء القاعدة.
وهذا الاشكال بوجه آخر وارد على ذاك القول أعني كون الكر عبارة عن سبعة وعشرون شبرا فإنه يصير ناقصا عن الوزن مقدار تسعة أشبار.
وبالجملة الاشكالان في المقامين متعاكسان، فعلى قول المشهور يلزم زيادة التحديد بالمساحة على التحديد بالوزن، كما أن الأمر في خلاف قول المشهور على العكس، أي يلزم كون التحديد بالوزن أزيد، من التحديد بالمساحة.
أضف إلى ذلك أن الاشكال على قول المشهور قابل للذب، دون على القول الآخر كما عرفت من المساحة بالأشبار ليست ضابطة كلية بحيث لا يزيد عنها ولا ينقص، بل يتسامح فيها غالبا بسبب اختلاف الأشبار والمياه وغيرهما، فاعتبارها من باب الطريقية والمعرفية للميزان الحقيقي وهو الوزن كما مر، فيراعى فيها جانب الاحتياط لتنطبق على كل حال.
وهذا بخلاف القول بأن الكر سبعة وعشرون شبرا، فإنه يصير ناقصا عن الوزن مقدار تسعة أشبار كما هو واضح لمن تأمل في المقام وليس له وجه وجيه في الظاهر حتى يحتمل عليه كما في قول المشهور.