فكونا أكبر جامعة علمية إسلامية، تربى فيها آلاف من العلماء المبلغين للإسلام بعد استيعاب معارفه، على أيدي الإمامين العظيمين.
وقد تمكن الإمامان من رفع الغشاوة عن كثير من الحقائق المطموسة تحت أكداس من غبار التهم والتشويه والتحريف في شؤون الإسلام، عامة، وفي ما يرتبط بحق أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الإمامة والحكم، خاصة.
وعندما نرى تصدي الحكام - من أمويين وعباسيين - للإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ومن كان على خطهما، نجد أن ما قاما به يعد فتحا عظيما في المعيار السياسي، وإنجازا في قاموس الحركات الاجتماعية، خاصة في تلك العصور المظلمة.
لقد قام الإمامان الباقر والصادق عليهما السلام بتهيئة الكوادر الكفوءة، وتعميق الثقافة الإسلامية في المجتمع الإسلامي، وتسليح الأمة بالعلم، وتثبيت قواعد العقيدة والإيمان، لتكوين جيش عقائدي منيع، لصد التيارات الإلحادية المبثوثة بين الأمة، والقضاء على الطلائع الملحدة المبعوثة من قبل الحكام مثل علماء البلاط ووعاظ السلاطين.
وبكل ذلك تميزت الآيولوجية الإسلامية المتكاملة، وعلى مذهب الشيعة، المأخوذة من ينابيع الحق والصدق، أئمة أهل البيت عليهم السلام، والمعتمدة على أصفى المصادر الحقة: القرآن الكريم، والسنة الصحيحة الموثوقة، والمتخذة من العقل الراجح منارا لتمييز الحق، على أساس من التقوى والورع والاجتهاد، والإيمان.
فكان هذا العمل تحديا معلنا ضد الحكومات الفاسدة التي كانت تروج للتيارات العقائدية الملحدة، والخارجة عن إطار العقائد الإسلامية، وتدعو إلى حياة التفسخ، والترف، واللهو، والفساد (1).
كما استفاد ابنه العظيم زيد الشهيد عليه السلام من الأرضية التي مهدها الإمام زين العابدين عليه السلام للثورة، فكان عمله دعما لموقف الإمامين عليهما السلام في تنفيذ خطط الإمام