قال عليه السلام: من شهر سيفه، ودعا إلى سبيل ربه. (1) فاعتقاد الإمام السجاد عليه السلام أن الفضل والسبق يتحقق بإشهار السيف، يقتضي بطلان نسبة معارضة الحركة المسلحة إليه عليه السلام.
وثالثا: إن هذا الشرط (الخروج بالسيف) ليس شرطا على إطلاقه، وليس قابلا لأن يكون شرطا للإمامة كذلك.
ومن ثم، فإن التهمة المذكورة مردودة وباطلة.
وقد يكون من قلل من شدتها وحدتها، فعمد إلى تخفيفها، وعبر عنها بدعوى (عدم صحة الإمامة لو أرخى الإمام ستره، وأغلق بابه) (2) كان ينظر إلى هذه الملاحظة.
فإن هذه الصيغة يمكن التأمل فيها، والبحث عنها، من حيث أنها لا تتجاوز شرط (الخروج) بالمعنى الذي عرفناه، لأنها يمكن أن تكون فرضا للحد الأقل من الفروض الممكنة للخروج، وأن (إشهار السيف) هو الحد الأكثر له.
ومع أن (إغلاق الباب، وإرخاء الستر) ليس ذكرا إلا لأبعد الاحتمالات الممكنة، فإنا لم نجد في سيرة الإمام السجاد عليه السلام - وكذلك الأئمة من ولده - مثل هذا الإرخاء وهذا الستر!
فهم عليهم السلام - وإن لم يشهروا السلاح الحديدي - لكنهم لم يغلقوا أبوابهم، بل نجد سيرتهم مليئة بالنشاط القيادي، حتى في أصعب الحالات، وأقسى المواقف والظروف، وأكثرها حساسية، كما في حالة الأسر التي مر بها الإمام السجاد عليه السلام، وحالة السجن التي مر بها الإمام الكاظم عليه السلام، فإنهم لم ينقطعوا فيها عن أداء دورهم المتاح لهم.