ثانيا: موقفه من أعوان الظلمة لقد شدد الإسلام النكير على إعانة الظالمين، واعتبره ظلما وتعديا وتجاوزا للحدود، حتى عد في بعض النصوص من الكبائر التي توعد عليها بالنار.
ففي رواية معايش العباد التي ذكر فيها وجوه الاكتساب وأحكامها، قال الصادق عليه السلام:
وأما وجه الحرام من الولاية: فولاية الوالي الجائر، وولاية ولاته، الرئيس منهم، وأتباع الوالي، فمن دونه من ولاة الولاة إلى أدناهم،...
لأن كل شئ من جهة المعونة لهم معصية، كبيرة من الكبائر، وذلك: أن في ولاية الوالي الجائر درس الحق كله، وإحياء الباطل كله، وإظهار الظلم والجور والفساد، وإبطال الكتب، وقتل الأنبياء والمؤمنين، وهدم المساجد، وتبديل سنة الله وشرائعه.
فلذلك حرم العمل معهم، ومعونتهم، والكسب معهم (1).
ومما لا يخفى على أحد: أن الجائرين لم يصلوا إلى مآربهم، لو لم يجدوا أعوانا على ما يقومون به من مظالم ومآثم.
وقد عبر الإمام عليه السلام عن ذلك لمن راح يذرف الدموع على ما يجري على أهل البيت من المصائب والظلم، ما معناه: أن المسؤول عن ذلك ليسوا هم الظالمين فقط، بل من توسط في إيصال الظلم وتمكين الظلمة، وتمهيد الأمر لهم، كلهم مشاركون في الجريمة.
ولذلك - أيضا - ورد اللعن على (من لاق لهم دواة، أو قط لهم قلما، أو خاط لهم ثوبا، أو ناولهم عصا).
مع أن هذه الأدوات لا تباشر الظلم، وإنما هي جوامد لا تعقل، إلا بوسائط وبعد مراحل، وقد يستفاد منها للخير والصلاح، ولكن القيام بخدمة الظالم، ولو بهذه الأمور، يكون من المعونة له.