الحسين عليه السلام، وكذلك كل العلويين الذين ثاروا على الحكام، إنما خرجوا في حركاتهم عن الحرمين، حفاظا على كرامتهما من أن يهدر فيهما دم، وتهتك لهما حرمة، وإبعادا لأهالي الحرمين من ويلات الحروب ومآسيها، ونقمة الجيوش وبطشها (1).
وهذه مأثرة لأهل البيت عليهم السلام لا بد أن يذكرها لهم التاريخ! لكن أهل الحرة، لم يصلوا إلى المستوى اللائق كي يدركوا هذه الحقائق، لبعدهم عن الإمام السجاد عليه السلام الذي كان في عمر (26) سنة.
ولقد هيأ هذا البعد بين أهل المدينة والإمام السجاد عليه السلام أمرين كانا في صالح الإمام عليه السلام، ولهما الأثر في مجاري عمله وتخطيطه للمستقبل:
أحدهما: النجاة من اتهام السلطات له بالتورط في الحركة، ولذلك لم تضعه في القائمة السوداء، فإن الحكومة - وحسب بعض المصادر - كانت تعرف ابتعاده عنها.
الثاني: تمكن الإمام عليه السلام من تخليص كثير من الرؤوس أن تقطع، وكثير من الحرمات أن تهتك.
ومن يدري؟ فلعل اشتراك الإمام السجاد عليه السلام في تلك الحركة كان يؤدي إلى إبادة أهل البيت النبوي والعلوي، إبادة شاملة، تلك التي كانت من أماني آل أمية؟!
فتمكن الإمام السجاد عليه السلام بحياده ذلك من الوقوف في وجه هذا العمل.
ولقد كان الإمام عليه السلام ملجأ للكثير من العوائل الأخرى، حتى من عوائل بني أمية نفسها.
ففي الخبر أنه عليه السلام ضم إلى نفسه أربعماءة منافية يعولهن إلى أن تفرق الجيش (2).
وكان في من آواهن عائلة مروان بن الحكم، وزوجته هي عائشة بنت عثمان بن عفان الأموي، فكان مروان شاكرا لعلي بن الحسين ذلك (3).