فقال عليه السلام: أءتي من أنتفع بمجالسته في ديني (1) أو قال: إنما يجلس الرجل حيث ينتفع (2).
ومن المعلوم أن ما ينتفع به الإمام عليه السلام من هذا المولى ليس إلا بنفس المجالسة، فإن هذه المجالسة تحقق للإمام غرضه السياسي من إعلان معارضته لسياسة بني أمية المبتنية على طرد الموالي وعدم احترامهم، فإذا جالسه الإمام زين العابدين عليه السلام - وهو من لا ينكر شرفه نسبا وحسبا - فإن ذلك نسف لتلك السياسة التي تبنتها الدولة ورجالها!
وقال له طاوس اليماني - وقد رآه يجزع ويناجي ربه بلهفة -: يا بن رسول الله، ما هذا الجزع والفزع،...، وأبوك الحسين بن علي، وأمك فاطمة الزهراء، وجدك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!
فالتفت الإمام عليه السلام إليه وقال: هيهات، هيهات، يا طاوس، دع عني حديث أبي، وأمي، وجدي، خلق الله الجنة لمن أطاعه وأحسن، ولو كان عبدا حبشيا، وخلق النار لمن عصاه، ولو كان ولدا قرشيا، أما سمعت قوله تعالى: * (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) *. [سورة المؤمنون (23) الآية: 101].
والله، لا ينفعك - غدا - إلا تقدمة تقدمها من عمل صالح (3) وأعتق الإمام زين العابدين عليه السلام مولاة له، ثم تزوجها، فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي، فعدها تحديا لعرف السلطة الحاكمة، فكتب إلى الإمام يحاسبه ويعاتبه على ذلك، ومما جاء في كتابه: (إنك علمت أن في أكفائك من قريش من تتمجد به في الصهر، وتستنجبه في الولد، فلا لنفسك نظرت، ولا على ولدك أبقيت...).
وهذا كلام - مع أنه ينم عن التعزي بعزاء الجاهلية في عنصريتها وغرورها - فهو تعريض بالإمام عليه السلام أنه ليس بحكيم، وأنه بحاجة إلى أن يتمجد بمصاهرة واحد من