الماكرين من حكام الجور والضلالة، بإثارة الشغب والفتنة بين طوائف الشعب، على حساب قضية (الخلافة).
فإن الغوغاء لا يدخلون في أية قضية على أساس المنطق السليم، ولا من منطلق قويم، ولا يمشون على الصراط المستقيم، بل على طبيعتهم في الجدل العقيم، وعلى طريقتهم في القذف واللعن والطرد، وهي بالنسبة إليهم البداية المحسوبة، والنهاية المطلوبة.
وليس الهدف عند الأئمة من أهل البيت عليهم السلام إلا (الحق) وأن يتبين الرشد من الغي.
وقد كان الأمويون يثيرون القضية على مستوى العوام الطغام، والغوغاء الهوجاء، ويهدفون من ذلك القضاء على وحدة المسلمين، باتهام أهل البيت وأتباعهم، وهم يمثلون أقوى الخطوط المعارضة لحكمهم.
ولقد كان موقف الإمام السجاد عليه السلام في إحباط هذه الخطط الأموية الجهنمية، شجاعا، وصريحا، ومدروسا:
فهو عليه السلام لما سئل عن منزلة الشيخين عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أشار - بيده - إلى القبر - قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ثم قال: بمنزلتهما منه الساعة (1) وفي نص آخر: كمنزلتهما منه اليوم، وهما ضجيعاه (2).
فمثير السؤال، إنما أراد أن يعلن الإمام عن رأيه في الشيخين من حيث الفضل والمقام والرتبة عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
ولكن الإمام السجاد عليه السلام لم يفسح له المجال في إثارته المريبة، فأجابه عن موضعهما من حيث المكان والمنزل والمدفن، من دون أن يتعدى في الإجابة الحقيقية الظاهرة، أو يتجاوز الحق المفروض، فهما - الشيخان - كانا قريبين - جسديا - كما هما في قبريهما - الآن - بالنسبة إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لكن هل هذا كرامة لهما، وقد دفنا في ما لم يملكا حق الدفن فيه؟!