لمنصب الإمامة والزعامة.
فكسب الإمام زين العابدين عليه السلام بمواقفه اعتقاد الجهاز الحاكم فيه أنه (خير لا شر فيه) (1) وأنه (مشغول بنفسه) (2).
ذلك الاعتقاد الذي أفاد الإمام عليه السلام نوعا من الحرية في العمل في مستقبل تخطيطه ضد الحكم الأموي الغاشم، وعزز موقعه الاجتماعي حتى تمكن من اتخاذ المواقف الحاسمة من الظالمين وأعوانهم.
كما رسمت في سيرته الشريفة صور من صبره على المصائب والبلايا، مما يدل على صلابته تجاه حوادث الدنيا ومكارهها، وهي أمثلة رائعة للمقاومة والجلد.
فعن إبراهيم بن سعد، قال: سمع علي بن الحسين واعية في بيته، وعنده جماعة، فنهض إلى منزله، ثم رجع إلى مجلسه، فقيل له: أمن حدث كانت الواعية؟
قال: نعم.
فعزوه، وتعجبوا من صبره.
فقال: إنا أهل بيت نطيع الله في ما نحب، ونحمده في ما نكره (3).
ونتمكن من استخلاص الهدف الأساسي من كل هذه الإثارات لقضية كربلاء وشهدائها خصوصا ذكر أبيه الإمام الشهيد عليه السلام من خلال الحديث التالي:
قال عليه السلام لشيعته: عليكم بأداء الأمانة، فوالذي بعث محمدا بالحق نبيا، لو أن قاتل أبي الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ائتمنني على السيف الذي قتله به، لأديته إليه (4).
ففي الوقت الذي يشير فيه إلى مأساة قتل الحسين عليه السلام، ويذكر بقتله، ليحيي معالمها في الأذهان، فهو يؤكد بأغلظ الأيمان على أن أمرا (مثل أداء الأمانة) يوجبه الإسلام، هو فوق العواطف والأحاسيس الشخصية.
وهو يوحي بأن الإمام الحسين عليه السلام إنما قتل من أجل تطبيق كل المبادئ التي