زين العابدين عليه السلام واستثمار جهوده، والاستمرار بأهدافه (1).
إن تلك التدابير، التي اتبعها الإمام السجاد وابناه الإمام الباقر وزيد الشهيد، وحفيده الإمام الصادق عليهم السلام، وشيعتهم المجاهدون على خطهم، وتلك المواقف الجريئة التي اتخذوها من الحكام الظالمين والحكومات الفاسدة، من أجل العقيدة، لا ولن تصدر ممن يركن إلى الدعة والراحة، أو أذهلته المصائب والفجائع.
بل، إن ما قاموا به يعد في العرف السياسي، أهم من حمل السلاح في مثل تلك المرحلة بالذات.
وأما مجموع ما أنتجته تلك الجهود والتدابير، فهو أكبر مما تؤثره البسالة والبطولة في ميادين الحروب.
وهو عمل لا يقوم به إلا أصحاب الرسالات من العلماء بالله الذين يفوق مدادهم فضلا وأثرا من دماء الشهداء.
وإن من يعرف أوليات النضال السياسي، وبديهيات التحرك الاجتماعي، وخصوصا عند المعارضة، ليدرك أن سيرة الإمام زين العابدين عليه السلام السياسية التي عرضناها في فصول هذا الكتاب، هي مشاعل تنير الدرب للسائرين على طريق الجهاد الشائك، ممن يلتقي مع الإمام عليه السلام في تخليد الأهداف الإلهية السامية.
وأي مناضل يعرض عن كل هذه الجهود، ولا يعدها (جهادا سياسيا)؟!
والغريب، أن أصحاب دعوى النضال والحركة، في هذا العصر - وفيهم من اتهم الإمام بالانعزال السياسي - يتبجحون باسم النضال والمعارضة السياسية، لمجرد إصدار بيان، أو إعلان رفض، ولو من بعد أميال عن مواقع الخطر، ومواقف المواجهة!
ثم هم لا يعتبرون تلك التصريحات الخطيرة، وتلك المواجهات والمواقف الحاسمة، التي قام بها الإمام عليه السلام، نضالا سياسيا؟!
وهم، يقيمون الدنيا، لو وقعت خدشة في إصبع لهم، ويعتزون بقطرة دم