بدأ التنازل من كثير من المواقع الاستراتيجية التي كان يحتلها، فقام الإمام عليه السلام بالإشهار بهم، من خلال أعمال أصدق ما يقال فيها أنها الاستفزاز والتحرش السياسي.
ومواقفه من عبد الملك بن مروان:
قد رأينا أن الأمويين بكل مرافق أجهزتهم، كانوا يرون من الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام خيرا لا شر فيه.
وقد كانت علاقة مروان بن الحكم الأموي، بالخصوص، طيبة مع الإمام عليه السلام لما أبداه الإمام تجاهه من رعاية، أيام وقعة الحرة، وكان مروان شاكرا للإمام عليه السلام هذه المكرمة.
وطبيعي أن يعرف عبد الملك بن مروان، للإمام زين العابدين عليه السلام هذه اليد والمكرمة.
ولذلك نراه، لما ولي الخلافة، يكتب إلى واليه على المدينة الحجاج الثقفي السفاك يقول: أما بعد:
فانظر دماء بني عبد المطلب فاحتقنها واجتنبها، فإني رأيت آل أبي سفيان بن حرب (لما قتلوا الحسين) لما ولغوا فيها (نزع الله ملكهم) لم يلبثوا إلا قليلا.
والسلام (1).
لكن الإمام عليه السلام لم يمر بهذه الرسالة بشكل طبيعي، بل بادر إلى إرسال كتاب إلى عبد الملك، يقول فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم ... أما بعد:
فإنك كتبت يوم كذا وكذا، من ساعة كذا وكذا، من شهر كذا وكذا، بكذا وكذا.
وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنبأني وأخبرني، وأن الله قد شكر لك ذلك وثبت ملكك، وزاد فيه برهة).