ليس للدعاء تاريخ محدد، حتى نعرف الفترة التي أنشئ فيها الدعاء بعينها، إلا أنها لا تخرج من مجمل الفترة التي عايشها الإمام زين العابدين عليه السلام من سنة (61) إلى سنة (94) ولم تخرج عن حكم واحد من الخلفاء الأمويين.
وحتى لو فرضنا إنشاءه في فترة حكم (معاوية بن يزيد بن معاوية) الذي عرف بولائه لأهل البيت عليهم السلام، على قصرها، فلا ريب أن نظام الحكم وأجهزة الدولة كافة، وعناصر الإدارة ورموز السلطة لم تتغير، وخاصة أهل الثغور الذين هم حرس الحدود، لم يطرأ عليهم التغيير المبدئي، في تلك الفترة القصيرة بتبدل الخليفة.
ومن المعلوم: أن الذين يتجهون إلى حدود الدولة الإسلامية، وهي أبعد النقاط عن أماكن الرفاه والراحة، ليسوا إلا من سواد الناس، ويمكن أن يكون اختيارهم لتلك الجهات البعيدة دليلا على ابتعادهم عن التورطات التي انغمس فيها أهل المدن في داخل البلاد.
ومع ذلك، يبقى التساؤل: عن دعاء الإمام عليه السلام بتلك القوة، وذلك الشمول، وبهذه اللهجة، وهذا الحنان، لحرس الحدود، وهم جزء من جيش الحكومة الفاسدة، ووحدة من وحدات كيان الدولة الظالمة؟
إن الحقيقة التي عرضناها سابقا، هي الجواب عن هذا التساؤل، لأن مصلحة الإسلام، ككل، مقدمة على كل ما سواه من أمور الإسلام سواء فروع الدين، أو عناوين الأشخاص، أو مصالح الآخرين حتى الجماعات المعينة.
ثم إن هذا الدعاء بنفسه دليل مقنع على أن الإمام زين العابدين عليه السلام لم يكن - كما شاء أن يصوره الكتاب الجدد - متخليا عن مركزه القيادي والسياسي، كإمام يرعى مصلحة الإسلام، والأمة الإسلامية.
فمن خلال أوسع جبهاتها، وهي الحدود الإسلامية، المهددة دائما، بلا شك، من قبل الدول المجاورة الحاقدة على الإسلام الذي قهرها، واستولى على مساحات من أراضيها، فرض الإمام عليه السلام رعايته واهتمامه، وبشكل الدعاء الذي لا يثير الحكام.
وحرس الحدود أنفسهم، مهما كانت هوياتهم، لا يعدون أنصارا للحكومة، بقدر ما هم محافظون على الأرض الإسلامية، وكرامة الإسلام، فإنهم مدافعون عن ثغوره، ومراقبون لحماية خطوط المواجهة الإمامية: وهو أمر واجب على كل مسلم أن يبذل