ويقول لمثير آخر: إذهب، فأحب أبا بكر وعمر، وتولهما، فما كان من إثم ففي عنقي (1).
وبمثل هذه القوة، يبعد الإمام عوام الناس عن التوجه إلى هذه القضية الحساسة، في ميدان الصراع ذلك اليوم، فقد كانت أصول الدين، وقواعده، وفروعه، وأحكامه الأساسية، مهددة، يتهددها الطغيان الأموي، وكبار الصحابة، وعلماء الأمة، يذبحون كل صباح ومساء، فكان الإعراض عن القضايا الأساسية العاجلة، والبحث عن قضية الشيخين البائدة، تحريفا لمسير النضال، وتشتيتا لقوى المناضلين، مع أنه خداع ومكر يطرحه الحكام الظالمون للتفريق بين الأمة، لصرفها عن القضايا المصيرية، المعاصرة، التي هي محل ابتلاء المسلمين فعلا إلى قضايا تاريخية غير حيوية!
فإثارة مشكلة الخلافة - آنذاك - لم يزد أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم إلا انزواءا وانعزالا عن المجتمع العام، وذلك هو المطلوب لرجال الدولة، لأنه ييسر لهم اجتثات أصول المعارضة، والقضاء على جذورها.
بينما التعبير عن تولي الشيخين، وعامة الناس هم على ذلك بمن فيهم المثيرون، لا يغير الآن شيئا، وليس له مفعول مثل ما لتولي بني أمية اليوم، وهم حكام مستحوذون مستخلفون كما استخلف أبو بكر وعمر، لكن هؤلاء مالكو الساحة اليوم، مع مالهم من مخالفات حتى لسنة الشيخين، تلك السنة التي التزموا بها ودعوا إليها، وباسمها استولوا على الأمور.
وليست ولاية الشيخين بمجردها هي المشكلة الفعلية العائقة، بل المشكلة - الآن - هي ولاية بني أمية! الذين يستخدمون فكرة ولاية الشيخين، ويريدون بذلك فقط أن يستمروا على الحكم والخلافة، ويضربوا من لا يوافقهم على ولايتهم التي هي استمرار لولاية الشيخين.
والمفروض أن ولاية الشيخين، أصبحت وسيلة بأيدي الأمويين ليثبتوا عرشهم من جهة، ويضربوا أهل البيت عليهم السلام من جهة أخرى.
فلذا أعلن الإمام زين العابدين عليه السلام للسائل، بأن ولاية الشيخين ليست موضعا