الديوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه (1).
ولا ريب في أن رفع المستوى المعيشي لدى أفراد الأمة هو واحد من أهم الأهداف المرسومة لأية محاولة ثورية، أو عمل إصلاحي، حتى لو لم تكن دينية، فكيف بها إذا كانت إلاهية، يقودها شخص الإمام العادل؟!
إن التحرك للإصلاح، والناس في بؤس وتخلف اقتصادي، سوف يكلفهم الكثير الذي قد يعجزون عنه، ولو تمكن قائد ما أن يرفع من المستوى الاقتصادي للأمة، فهم يكونون في حالة أفضل لتقبل أطروحة الإصلاح، ويكون أوكد على صمودهم أمام الضغوط التي تفرض عليهم من قبل الظالمين والمعتدين.
ثم إن السعي في هذا المجال، والمال حاجة يومية لكل أحد، أوكد في تعميق الصلة بين القيادة والقاعدة، من حيث تحسس القيادة لأمس الحاجات، وأكثرها ضرورة وأسرعها نفعا، فتكون دليلا على حقانية سائر الأهداف التي تعلن للخطة الإصلاحية ولقد كان الإمام زين العابدين عليه السلام يزاول عملية تموين الناس بدقة فائقة، خاصة عوائل الشهداء والمنكوبين في معارك ضد الدولة، يقوم بذلك في سرية تامة، حتى خفيت - في بعض الحالات - على أقرب الناس إليه عليه السلام.
والأهم من ذلك: أن الفقراء أنفسهم لم يطلعوا على أن الشخص الممون لهم هو الإمام زين العابدين عليه السلام إلا بعد وفاته، وانقطاع أعطياته!
فعن أبي حمزة الثمالي: إن علي بن الحسين عليه السلام كان يحمل الخبز بالليل، على ظهره، يتبع به المساكين في ظلمة الليل، ويقول: (إن الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب الرب) (2).
وعن محمد بن إسحاق، قال: كان ناس من أهل المدينة يعيشون، لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين عليه السلام فقدوا ما كان يؤتون به بالليل (3)