يكاد المؤرخون لحياة الإمام السجاد عليه السلام، لا سيما الدارسون الاجتماعيون، الذين يريدون إبعاد الإمام عن الحياة السياسية، يتفقون على أن الإمام عليه السلام: (انكب على الشؤون الدينية، ورواية الحديث، والتعليم) (1) وأن مهمته كانت: (الانصراف إلى بث العلوم، وتعليم الناس، وتربية المخلصين، وتخريج العلماء والفقهاء، والإشراف على بناء الكتلة الشيعية) (2).
ولا ريب في أن الإمام السجاد عليه السلام قام بدور بليغ في هذه المجالات كلها، ولكن لم تكن - قط - هذه الأمور خارجة عن العمل السياسي، أو بديلا عن العمل السياسي!
بل، إن هذه الواجبات هي من أهم وظائف الأنبياء والأئمة بل المصلحين السياسيين من البشر، بأن يقوموا بها، ويبلغوا بالأمم والشعوب إلى مستويات راقية فيها، خاصة التعاليم الإلهية التي من أجلها بعثوا، ولها عينوا، وبتبليغها وبثها كلفوا، وهم طريق معرفة الناس بها، والأمناء الوحيدون عليها.
والتعليم الصحيح هو واحد من طرق النضال، فكل مناضل يعلم - بوضوح - أن من مقومات كل حركة سياسية، هو تثقيف الجماهير، وتوعيتها، بالتعليم والتلقين، لتكون على علم بما يجري حولها وما يجب لها من حقوق وما عليها من واجبات.
وقد سعى الحكام الفاسدون - على طول التاريخ - إلى إبعاد الناس عن الحق، والتعاليم الأصيلة، بطرق شتى: