وظلمها ولهوها وبذخها وترفها وطغيانها، بعيدا عن الناس.
والناس، أولئك الذين تجاهلوا ابن الخليفة، ولم يأبهوا به، ولم يفتحوا له طريقا إلى لمس الحجر الأسود، هاهم يقفون سماطين، هيبة للإمام زين العابدين عليه السلام، يفرجون له عن الحجر، ليستلمه!
ومثل هذا العمل يخدش غرور هشام الذي يمثل الخلافة، ويغيض المنتمين إلى الدولة، ولذلك تجاهل هشام شخص الإمام عليه السلام.
ومما يدل على حدة تأثير الموقف فيهم رواية المدائني, عن كيسان عن الهيثم أن عبد الملك قال للفرزدق: أو رافضي أنت يا فرزدق؟
فقال: إن كان حب أهل البيت رفضا، فنعم (1).
والشاعر الشعبي - الفرزدق - الذي يعيش بين العامة، استصعب ذلك التجاهل، وانبرى بإنشاد الميمية العصماء، التي طار صيتها مع الحجاج عندما عادوا إلى مختلف البقاع.
إن أي حكم سياسي لا يتحمل مثل هذه المواقف التي تحط من كرامة رجال الدولة، وخاصة رجال البلاط، وبهذه الصورة.
ولذلك، فإن الأمويين سجنوا الفرزدق على هذا الشعر الذي اعتبروه إهانة للنظام.
فكيف لا يكون عمل الإمام زين العابدين عليه السلام استفزازا سياسيا؟!
ومما يؤكد على استهداف الإمام عليه السلام للنظام في هذا التصرف هو أن الإمام زين العابدين عليه السلام سارع إلى الاتصال بالفرزدق في السجن، ووصله بشئ رمزي من المال، مكافأة لموقفه السياسي ذلك.
ولا ريب أن في هذا - أيضا - إعلانا لدعم المعارضة المعلنة من قبل الفرزدق، لا يمكن إغفاله عن سجل الأعمال السياسية التي قام بها الإمام عليه السلام.
وموقفه من عمر بن عبد العزيز:
كان عمر بن عبد العزيز، قبل توليه الخلافة، يسكن المدينة، يرفل أثواب الترف،