قال أحمد أمين المصري: لم يكن الحكم الأموي حكما إسلاميا يسوى فيه بين الناس، ويكافأ فيه المحسن عربيا كان أو مولى، ويعاقب من أجرم عربيا كان أم مولى، ولم تكن الخدمة للرعية على السواء، وإنما كان الحكم عربيا، والحكام فيه خدمة للعرب على حساب غيرهم، وكانت تسود العرب فيه النزعة الجاهلية، لا النزعة الإسلامية (1).
ولقد قاوم الإمام زين العابدين عليه السلام هذه الردة الاجتماعية عن الإسلام بكل قوة، وتمكن - بحكم موقعه الاجتماعي، وأصالته النسبية - أن يقتحم على بني أمية، بلا رادع أو حرج.
قال الدكتور صبحي: في ما كان الأمويون يقيمون ملكهم على العصبية العربية عامة، كان زين العابدين عليه السلام يشيع نوعا من الديمقراطية الاجتماعية (2) بالرغم مما يجري في عروقه من دم أصيل، أبا وأما، وقد أقدم على ما زعزع التركيب الاجتماعي للمجتمع الإسلامي الذي أراد له الأمويون أن يقوم على العصبية (3).
وقد قاوم الإمام زين العابدين عليه السلام ذلك، نظريا بما قدمه من تصريحات، وعمليا بما أقدم عليه من مواقف:
فكان يقول: لا يفخر أحد على أحد، فإنكم عبيد، والمولى واحد (4).
وكان يجالس مولى لآل عمر بن الخطاب، فقال له رجل من قريش - هو نافع بن جبير -: أنت سيد الناس، وأفضلهم، تذهب إلى هذا العبد وتجلس معه؟!