ثالثا: في مجال مقاومة الفساد وإذا كان من أهم واجبات المصلح، وخاصة الإلهي، مقاومة الفساد، ومحاربة المفسدين في الأرض، فإن الإمام زين العابدين عليه السلام قام بدور بارز في أداء هذا المهم.
وقد تميز عصر الإمام عليه السلام، بمشاكل اجتماعية من نوع خاص، وقد تكون موجودة في كثير من الأوقات، إلا أن بروزها في عصره كان واضحا، ومكثفا، كما أن الإمام زين العابدين قام بمعالجتها بأسلوبه الخاص، مما أعطاها صبغة فريدة، تميزت في نضال الإمام عليه السلام، أهمها:
1 - مشكلة العصبية، والعنصرية.
2 - مشكلة الفقر العام.
3 - مشكلة الرق والعبيد.
ولنبحث عن كل واحدة، وموقف الإمام عليه السلام في معالجتها:
1 - مقاومة العصبية والعنصرية:
إن الأمويين - بعد إحكام قبضتهم على الحكم - اعتمدوا سياسة التفرقة العنصرية بين طوائف الأمة، والعصبية القبلية بين مختلف طبقاتها، محاولين بذلك تفتيت المجتمع الإسلامي، وتقطيع أواصر الوحدة بين أفراد الأمة الإسلامية، تلك الوحدة التي شرعها الله بقوله تعالى: * (إن هذه أمتكم أمة واحدة * وأنا ربكم فاعبدون) * [سورة الأنبياء: (21) الآية: 92].
ودفعا لها على التفرق الذي نهى عنه الله بقوله تعالى: * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * [سورة آل عمران: (3) الآية: 103].
حتى وصل الأمر إلى: أنه تتابع فخر النزارية على اليمنية، وفخر اليمنية على النزارية، حتى تخربت البلاد، وثارت العصبية في البدو والحضر - كما يقول المسعودي - (1).