كبار حامليها، وضعف أنصارها، واستيلاء المعارضين عليها، فحرفوا معالمها، وشوهوا سمعتها، وزيفوا أهدافها.
فإن عامة الناس يقفون موضع الحيرة والشك من كل ما قيل وطرح وعرض، ويحاولون الانسحاب والارتداد، والوقوف على الحواشي، ليروا ما يؤول إليه أمر القيادات المتنازعة!
فقد مني المسلمون بإخفاق ويأس مما في الإسلام من خطط تحررية، ومخلصة من العبودية والفساد، وذلك لما رأوا الأمويين - أعداء هذا الدين قديما، ومناوئيه حديثا - قد استولوا على الخلافة، وبدأوا يقتلون أصحاب هذا الدين من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأنصار القدماء له، ويعيثون فسادا في أرض الإسلام بالقتل والفجور، وكل منكر، حرمه الإسلام.
وإذا كان صاحب الحق، منحصرا في الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام، الذي قام النص على إمامته، وهو وارث العترة، وزعيم أهل البيت في عصره، فهو الإمام الحامل لثقل الرسالة على عاتقه، فلا بد أن يدبر الخطة الإصلاحية، ليجمع القوى، ويلملم الكوادر المتفرقة، ويعيد الأمل إلى النفوس اليائسة، والرجاء إلى العيون الخائبة، والحياة إلى القلوب الميتة.
إلى جانب مقاومته للأعداء، وتفنيد مزاعمهم واتهاماتهم، والكشف عن مؤامراتهم ودسائسهم، وتبديد خططهم وأحابيلهم!
إن أئمة أهل البيت عليهم السلام - مع مالهم من مآثر العلم والمجد والإمامة، التي أقر بها لهم جميع الأمة - هم يهتمون بغرز معاني النضال والجهاد في نفوس أبنائهم منذ نعومة أظفارهم، ليرسخوا في نفوسهم أمجاد الإسلام.
والإمام عليه السلام قد استلهم الإسلام بكل ما له من معارف ومآثر علمية وعملية، فأخذها من مصادرها الأمينة الموثوقة.
وهم آباؤه الطاهرون.
وكان في طليعة ما أخذ من المعارف هو مغازي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسراياه، كما في الحديث عن عبد الله بن محمد بن علي، عن أبيه. قال: سمعت علي بن الحسين يقول: