قال الزهري: قلت: يا بن رسول الله، كم عهد إليكم نبيكم أن يكون الأوصياء بعده؟
قال عليه السلام: وجدناه في الصحيفة واللوح (اثنا عشر اسما) مكتوبة إمامتهم.
ثم قال عليه السلام: يخرج من صلب محمد ابني سبعة من الأوصياء فيهم (المهدي) (1).
إلى غير ذلك من الآثار الواردة في هذا الباب.
والمهم في الأمر أن الإمام السجاد عليه السلام بصراحته هذه، وإعلانه عن أهم ما يرتبط باستمرار العقيدة ودوامها، تمكن من تثبيت الإمامة بعد أن تعرض التشيع لأوحش الحملات في ذلك التأريخ، فأدت بالعقيدة إلى تضعضع لم يسبق له مثيل! كما أدت إلى يأس في النفوس، وتمزق بين صفوف الشيعة بما لا يتصور!
فكانت مواقف الإمام السجاد عليه السلام هذه، الواضحة، والجريئة، والمكررة، سببا للملمة الكوادر من جديد، ورص الصفوف ثانية، وتكريس الجهود المكثفة، واستعادة القوى المهدورة، والتركيز على ترسيخ القواعد الأصلية من أن تحرف أو يشوبها التشويه لتكوين الأرضية الصالحة لبذر علوم آل محمد على أيدي الأئمة لا سيما الباقر والصادق عليهما السلام.
إثارة خلافة الشيخين:
إن بني أمية، الذين أحدثوا مذبحة كربلاء، ومجزرة الحرة، ومأساة عين الوردة، لم يقنعوا بتصفية التشيع جسديا، بقتل الأعداد الكبيرة من أنصار أهل البيت عليهم السلام، ومعهم الأعيان والرؤساء، بمن فيهم الإمام الحسين عليه السلام، وإنما حاولوا - أيضا - القضاء على التشيع فكريا وحضاريا، واتبعوا سبل الدعاية المغرضة، وإثارة الناس الغوغاء على كل ما يمت إلى أهل البيت عليهم السلام من فكر وتراث وشعار، حتى حاربوا أسماءهم، فكان من يتسمى بها مهددا.
ومن أخبث أساليبهم بث بذور الفرقة والشقاق بين المسلمين، ليتمكنوا من القضاء على الإسلام كله، ومن خلال ضرب المذاهب بعضها ببعض، ومما ركزوا عليه في هذه